منذ أكثر من ربع قرن شاء الله ان أكون أحد من ذهبوا لدولة كندا لدراسة وتحضير الزمالة الكندية في أمراض النساء والولادة. وبحمد من الله سبحانه وتعالى تحصلت علي الشهادة وعدت إلى أرض الوطن بعد ان قضيت أربع سنوات في أفضل مستشفيات كندا. و عند عودتي.. في البداية وجدت نفسي أعمل وأحاول ان أتعايش مع الروتين الجديد وكان ينتابني شعور غريب... فيه الكثير من الغرور والكبرياء فشعرت بأنني " افهم اكثر من الجميع " و ان الطب أنا وأنا الطب " وأنا امثل الطب الكندي بمعنى آخر ان لا طب إلا الطب الكندي ... وان أي رأي غير رأي يعتبر تافه ليس له أصل. شعرت وقتها أنني مريض... لا نني اشعر أنني الوحيد الصح والبقية على خطأ... تداركت الموقف وبدأت أفكر عن المرض الذي أصابني. فكرت ان اذهب لدولة أخرى حتى أرى الطب الآخر. فعلا ذهبت إلى فرنسا لحضور ورشة عمل ثم إلى بلجيكا وألمانيا لحضور بعض المؤتمرات الطبية والمحاضرات ووجدت ان الطب في كل مكان وان الطب الأوربي قد يفوق الطب الأمريكي والكندي في بعض المجالات. هذا المرض عبارة عن متلازمة " وهو مرض جديد " يصيب الاطباء الحاصلين على الزمالة الكندية وهو يصيب جميع الخرجين من دولة كندا ، بعضهم لا تظهر عليهم أعراض المرض ولكن حتما هم حاملين للمرض " أي ان المرض في حالة ركود أو كمون " وقد نحتاج لعدة أبحاث لنعرف سبب عدم ظهور الأعراض. في السنوات العشرين السابقة جميع دول الشرق الأوسط وخاصة الدول الخليجية ظهر فيها هذه المتلازمة والتي تؤثر على الحاصلين على الزمالة الكندية سواء ذكورا أو إناثا بنسبة 1:1 وللمرض ثلاث مراحل. الحاد والمتوسط والمزمن والسبب غير معروف بعض الخبراء يعتقدون ان السبب هو نوع من أنواع البكتيريا تسمى " سوشيالوما كندا " وهي غير معروفة في أي بقاع الأرض إلا الأراضي الكندية ويعتقد البعض انه مرض نفسي... يصيب الأشخاص ذو عوامل خطورة ومنهم من ينتابه شعور بأنه طبيب غير مفيد ويكون غير راض عن نفسه وعمله. وفجأة وبعد عدة سنوات من الكر والفر في نظام الطب الكندي يجد نفسه حاصل على شهادة عالية ويستطيع ان يكون مفيد.. هذه المتلازمة تعطي المريض عدة خصائص أولا في لبسه فلا يلبس إلا ما يلفت النظر... تجده يتباهى في كلامه... ومشيته... له نظره شاملة... تتسم بأخلاقيات غريبة... لا بد ان يشرب قهوته الصباحية وهو ماشي.. يحب اللون الأحمر لأنه يذكره بعلم كندا... لا يسافر في الصيف إلا إلى دولة كندا... شرابه المفضل " كندادراي ".. يعاني من تحسس شديد لأي طبيب تخرج من دولة أخرى غير كندا... يصاب بدوخة قد تصل إلى الإغماء عند سماع رأي طبي غير الذي يعرفه.... مع كل هذه الأعراض إلا ان هناك بعض المرافق الطبية تفضل العاملين لديها من " من يعاني من هذه المتلازمة ". العلاج صعب جدا فقد بينت الأبحاث ان المضادات الحيوية والعلاج الإشعاعي والكيميائي لا يؤثر على هولاء المرضى ولكن يجب تعرضهم لعلاج جماعي يعطيهم الثقة في الآخرين. أستاذ علم أمراض النساء والولادة - كلية الطب والعلوم الطبية جامعة الملك عبد العزيز بجدة - [email protected]