يفترض الاخ عائض القرني أن هناك منافسة حادة بين من يسميهم " الدعاة الاسلاميون " من المؤلفين وعلى رأسهم طبعا شخصه الكريم، بما يدعيه من توزيع مليون نسخة لكتابه المعنون "لا تحزن" ، رغم أن كتابه هذا يقتفي أثر كتاب سبقه حذو القذة بالقذة ألا وهو كتاب الشيخ محمد الغزالي - رحمه الله - والذي عنوانه "جدد حياتك" وهو الكتاب الذي سبقه في مضمونه كتاب آخر اسمه "دع القلق وابدأ الحياة" لمؤلفه دميل كارينجي ، وهكذا نحن نتأنى بعد الناس بأزمان طويلة، ثم ندعي ما لهم انه لنا، دون أن نخجل ، والمنافسة المدعاة بين المؤلفين من الدعاة الاسلاميين ، والتصنيف للشيخ عائض القرني، وبين من صنفهم بأنهم المؤلفون الليبراليون، ولا يذكر أحد منهم أي كتاب له، ثم يقول لا فض فوه: إن الاقبال على مؤلفات الدعاة وطلبة العلم الديني أضعاف ما تبيعه كتب الليبراليين، وذكر موضحا أن خمسمائة من كتاب ليبرالي يقابله خمسة آلاف نسخة مما كتبه ويوزعه تياره، بل واشار إلى نفسه مفتخراً قائلاً: وهناك من باع مليون نسخة. ورغم ان ذكر الارقام دون أن يكون لها ما تستند إليه من احصاء دقيق موثوق به لا تؤدي إلى شيء وإن هول بها، فهي لا تؤدي إلى تفضيل كاتب على آخر، ولا تيار مؤلفين على الآخر، خاصة أننا في بلاد لم يعرف الاحصاء إلى الحياة العامة فيها طريقا يلج منه، كما أن قياس الرأي فيها مفقود، لأنه في الغالب لا يسمح بمسحه، والقضية الخطرة هنا هي التصنيف الذي شعرنا جميعا بخطورته لأنه يؤدي إلى تقسيم المجتمع، وزرع بذور الفرقة بين أبنائه، إلا ان الاخوة الذين يمثل تيارهم الشيخ عائض القرني مستمرون في استخدامه قصد إقصاء من يخالفهم، اعتمادًا على أن عامة الناس لا يفهمون مثل هذه المصطلحات ، وهم قادرون على إلباسها ما ينفر العامة منها، فهم الدعاة الاسلاميون وطلبة العلم الشرعي ولا عزاء لغيرهم، فنصيبه التصنيف بما يشيعون به عنه من ضلال يتهمونه به، وهذا المنهج عقيم، وهو ما أوقع مراهقينا في افكار قادهم بها المصنفون إلى مناهضة مجتمعهم وتكفير رموزه. وتمضي الايام وتتقدم الامم وتتنافس في ميدان المنجزات الحضارية، ونحن في بلادنا لا نزال نصنع فرقة ويتحزب بعضنا ضد بعض، ويسير نفر منا على خطى حزبين حركيين في تيارات نشأت خارج الحدود ومارست عنفاً ضد المخالفين، حتى آل أمرها إلى الاضمحلال لأنها لا تمتلك من وسائل الاقناع شيئاً يذكر، ولم تنتفع منها الأمة، بل نشروا وهما أن كل متدين خطر على الناس، نجاتهم في اجتناب الاحتكاك به، فهلا انصرفوا عن هذا الاسلوب العقيم، ذاك ما نرجوه والله ولي التوفيق. ص ب 35485 جدة 21488 فاكس 6407043 [email protected]