صدق الإمام علي رضي الله عنه عندما قال: (لو كان الفقر رجلاً لقتلته)، لأن فقر الحاجة يولد في المجتمع فقراء الأخلاق والضمير وهم الأخطر على الفقراء من الجوع والمرض، وهؤلاء هم الشياطين الذين قال عنهم الله سبحانه وتعالى: (الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء). وإذا تمعنّا في رصد هؤلاء سنجدهم في مشاهد كثيرة يلهثون بعد المادة لاكتناز المزيد من الثروة دون خوف من الله.. سنجدهم خلف الأدوية المزورة والفاسدة والمهربة والتي ليس لمعظمها أي نفع، بل تكون مضرة بالصحة أكثر مما هي مفيدة. إننا نسمع من وقت لآخر عن اكتشاف أدوية ومجموعات كبيرة تدخل للبلاد يتم تسويقها بطريقة العصابات.. والمشجع لهم في ذلك ظروف الناس الاقتصادية التي تجعلهم يسعون لشراء السلع الرخيصة. نجدهم أيضاً خلف استيراد وتخزين واستخدام المبيدات السامة في رش القات لضمان نموه والتسريع بقطفه واستمرار بيعه. نجدهم نهابين ومستنزفين للمياه الجوفية ضاربين عرض الحائط بكل النصائح والإرشادات والتحذيرات من خطورة إهدار المياه الجوفية التي تجمعت على مدى آلاف السنين. نجدهم يتفننون في ابتكار الطرق والأساليب للاستحواذ على المال العام ويمنهجون ثقافة الرشوة والابتزاز والمحسوبية. نجدهم يتملصون من أداء واجباتهم فتزداد معاناة الفقراء عند أي خطوة يخطونها بحثاً عن خدمة. إذاً ليس الخوف من فقر الحاجة.. وإنما الخوف من مثل هؤلاء فاقدي الإحساس والضمير.. ففقر الحاجة يمكن مواجهته ومعالجته بمزيد من التكافل والتعاون وتوظيف الإمكانيات والموارد لمزيد من الإنتاج لتربية وإعداد الإنسان واستغلال طاقته للتغلب على فقر الحاجة. وأكبر معضلة هم فقراء الأخلاق والضمير الذين يسدون كل طرق المعالجات، لأن الأخلاق لا تعني لهم شيئاً. «إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا». الثورة اليمنية