أعلن الباحث المختص بشؤون الأسرى والأسير السابق عبد الناصر عوني فروانة أن سلطات الاحتلال اعتقلت 7600 طفل وطفلة منذ اندلاع انتفاضة الأقصى في ايلول (سبتمبر) 2000، وأن من بينهم نحو 200 طفل قاصر تعرضوا للاعتقال الإداري من دون تهمة أو محاكمة، وما يزال 246 طفلا منهم يقبعون في سجون الاحتلال، بعضهم لا يتجاوز سن الثانية عشرة. وأشار الى أن أصغر أسير في العالم هو الطفل الرضيع الأسير يوسف (13 شهرا) الذي لم يعتقل مباشرة ولم توضع السلاسل في يديه لبرهة واحدة، لكنه أدخل المعتقل وهو في رحِم أمه الأسيرة فاطمة الزق، لتنجبه وهي مقيدة الأيدي والأرجل بالأصفاد الحديد، ليبصر النور رغم عتمة الزنازين وليطلق صيحاته الأولى ولربما ينطق أولى الكلمات وهو لا يزال داخل السجن. وأكد فروانة أن "القوانين الدولية واتفاقية الطفل، منحت الطفل حقوقاً أساسية، ولا يسمح المساس بها تحت أي ظرف من الظروف، أهمها عدم حرمان الطفل حريته، وعدم التعرض للاعتقال العشوائي، وإذا كان ولابد من الاعتقال فليكن الملاذ الأخير، مع وجوب معاملتهم معاملة حسنة واحتجازهم في أماكن نظيفة وصحية وذات تهوية مناسبة، تكفل لهم حياة إنسانية وتتوفر فيها كافة حقوقهم من مأكل وملبس وتعليم ورعاية صحية وتوفر لهم أدوات الترفيه والتسلية، وآليات الاتصال الدورية بالأهل..الخ وليكن هذا الاعتقال لأقصر فترة ممكنة". واوضح ان "سلطات الاحتلال تضرب بكل تلك الاتفاقيات والنصوص عُرض الحائط، ولا يمر يوم واحد إلا وتعتقل خلاله عدد من الأطفال، ولا تفرق في معاملتها ما بين الطفل المعتقل او الشاب والشيخ، وجميع الأطفال يتعرضون أثناء اعتقالهم للضرب والتنكيل والإهانة، فيما نحو 93% تعرضوا لصنوف مختلفة ولأكثر من شكل من التعذيب الجسدي والنفسي والتي هي أكثر قسوة خلال التحقيق معهم". وأكد أن "غالبية الاعترافات انتزعت منهم بالقوة وتحت التهديد والضغط الجسدي والنفسي لا يحتمله الأطفال، وكثيراً ما تكون اعترافاتهم كاذبة وغير دقيقة". ومع ذلك، يقول فروانة: "تعتمد سلطات الاحتلال هذه الاعترافات مستندات إدانة لهم، وفي ضوئها تصدر المحاكم العسكرية أحكامها الجائرة عليهم وفقاً لقوانين الاحتلال الظالمة، تصل لفترات طويلة، بل وفي بعض الأحيان تصل للسجن المؤبد، ويتم التعامل معهم كبالغين بخلاف القانون الدولي الذي يتيح اعتقال الأطفال كملاذ أخير ويُلزم على أن يكون لأقصر فترة ممكنة". ويتابع فروانة أن "هذه المعطيات تؤكد بأن سلطات الاحتلال تتعمد استهداف الأطفال ضمن اعتقالاتها وممارسة الضغط عليهم والزج بهم في سجونها لفترات متفاوتة لتصل أحياناً لعشرات السنين والمؤبد احياناً أخرى، بهدف تحطيم طفولتهم والقضاء على مستقبلهم والتأثير السلبي على الطفولة الفلسطينية عموماً". وبين أن "من اعتقلوا وهم اطفال وامضوا سنوات في سجون الاحتلال، تأثروا بطبيعة الحال بالبيئة التي قضوا فيها سنوات طفولتهم، وواجهوا بعد خروجهم من السجن صعوبات جمة في التأقلم والتكيف مع العالم الخارجي ومع آبائهم وباقي أفراد الأسرة، وأدت بالكثيرين منهم إلى الميل لممارسة سلوك عنيف كالسلوك الذي تعايش معه داخل السجن، أو الميل للعنف والانتقام ممن عذبوه في طفولته وبعضهم عاد واعتقل من جديد". وأوضح فروانة أن "الأطفال الأسرى وبجانب ما يتعرضون له من انتهاكات متواصلة لا تعد ولا تحصى لحقوقهم الأساسية، فإن جهاز المخابرات الإسرائيلي يبتدع بين الفينة والأخرى أساليب جديدة للإيقاع بهم في شرك العمالة والضغط عليهم وابتزازهم لتجنيدهم بهدف العمل لصالحه، وفي شهادات كثيرة يتعرضون للتحرش الجنسي وللتهديد باغتصابهم أو اجبارهم على التعري والتقاط بعض الصور، كوسيلة لانتزاع اعترافات ولو كاذبة يُحاكم عليها قانون الاحتلال أو قبولهم التعامل مع المخابرات، وللأسف الشديد كثير من الأطفال كانوا ضحايا لذلك". وأشار إلى أن "أجهزة المخابرات الإسرائيلية لا تتوانى عن استخدام أنجع الوسائل لتجنيد الأطفال وإسقاطهم في وحل الخيانة والعمالة المرفوضة طبعاً بل والمنبوذة من قبل المجتمع الفلسطيني". وطالب المؤسسات الدولية لاسيما تلك المختصة بشؤون الأطفال وحقوق الإنسان بالتدخل "لاجبار اسرائيل على احترام الإتفاقيات والنصوص المتعلقة بحقوق الأطفال، وضمان عودة الأطفال الفلسطينيين إلى مقاعدهم الدراسية بدلاً من بقائهم في زنازين الاعتقال، صوناً لطفولتهم وحفاظاً على مستقبلهم المهدد بالضياع". المستقبل اللبنانية