يعيد حادث الاصطدام بين قمرين اصطناعيين، روسي وأميركي تسليط الضوء على مشكلة كبيرة يعاني منها مدار الأرض، وهي الزحام الكبير للأقمار الاصطناعية والنفايات الفضائية التي تدور حول كوكبنا. لكن الحادث الذي وقع في سماء سيبيريا على ارتفاع 790 كيلومترا عن سطح الأرض، يطرح أيضا أسئلة عن أمن التلسكوب الفضائي «هابل» الذي قد يتأثر سلبا من حطام القمرين، فهو يدور على ارتفاع أقل من الارتفاع الذي حصل فيه الاصطدام. عندما بدأ السباق إلى الفضاء في نهاية خمسينيات القرن الماضي، كانت الصورة الأولى التي أرسلتها المركبات الفضائية الروسية ثم الأميركية للأرض، تشير إلى كوكب أزرق يسبح في عتمة الفضاء. غير أن الصورة الأخيرة التي وزعتها وكالة الفضاء الأوروبية، اثر الاصطدام، تظهر واقعاً مختلفاً لفضاء كوكبنا الذي يعج بأقمار اصطناعية ونفايات فضائية أصبحت تخفي الكثير من روعة الكوكب الأزرق. وكانت وكالات الفضاء الدولية المختلفة تراقب عن كثب، منذ فترة، النفايات والحطام الذي يدور حول الأرض، كما أن خطر وقوع اصطدام بين قمرين اصطناعيين لم يكن أمرا مستبعدا، غير أن الحادثة الأخيرة أعادت طرح النقاش حول ضرورة التوصل إلى اتفاقية للتخفيف من وطأة هذه المشكلة. وكان قمر اصطناعي عسكري روسي قديم بدأ يهبط من مداره عندما اصطدم بقمر اصطناعي أميركي. وأدى الاصطدام إلى نشوء غيمة من الحطام ستحيط بالأرض وتحتاج لعشرات السنين لتتبدد من المدار كما أنها تشكل خطرا على الأقمار الأخرى التي تدور في مدار الأرض. وقللت وكالة الفضاء الأميركية «ناسا» من احتمال أن يشكل الحطام خطرا على رواد الفضاء أو محطة الفضاء الدولية (التي تقع على ارتفاع أقل من مكان الاصطدام) أو المركبة «ديسكفري»، المقرر إطلاقها نهاية شباط الحالي. لكن الخطر يزيد على «هابل» وشبكة أقمار «ناسا» لمراقبة الأرض. ويبدو أنه لا خطر على غالبية الأقمار الخاصة بالبث التلفزيوني أو بمراقبة الطقس والتي تقع على ارتفاع 20 ألف ميل (32000 كلم) من سطح الأرض. ويخشى بعض الباحثين من أن يؤدي تزايد هذا النوع من النفايات إلى وقف عمليات السباحة في الفضاء التي يقوم بها رواد الفضاء، ذلك أن أقل حطام مهما كان صغيرا إذا كان يسير بسرعة عالية قد يشكل خطرا. وطالب مسؤولون أوروبيون وأميركيون مؤخراً بضرورة توسيع الجهود لمراقبة النفايات والأجسام السابحة في الفضاء، حيث تزيد الحاجة إلى تطوير معايير سلامة عالمية تلتزم بها جميع الدول التي تملك برامج فضائية أو التي تطلق أقمارا اصطناعية في الفضاء لأغراض مختلفة. يذكر أن اجتماعا سيعقد في الأممالمتحدة في نيويورك نهاية شباط الحالي، لبحث مشكلة النفايات الفضائية. السفير اللبنانية