يوم الحب... لم لا؟ كانت الحياة رتيبة في الماضي رتابة الماء الآسن الراكد، وفي بلدان مثل الصين والهند وأندونيسيا وغيرهم من الدول يعمل أكثر من 80% من السكان في الزراعة، أهل الريف يرون بعضهم بعضا باستمرار. يحدثني زميل عزيز من أهل الجنوب فيقول عندما كنت أرعى الغنم في الوادي لم يدر بخلدي أثناء طفولتي أن هناك عالما آخر يعيش خلف جبال ذاك الوادي وأن لا أناس غير الناس الذين أعرفهم بهذا الوادي. تغيرت ظروف العيش ونمط الحياة فصار الإنسان دائم الحركة ويتخيل وكأنه قارب كسر المجاديف واستعاض عنها بماطور فائق السرعة. لقد صار الإنسان يركض ليل نهار من أجل تحقيق ظروف حياة أفضل له ولأسرته وعياله. ربما في السعودية ودول الخليج الأخرى لما حبا الله بلداننا من خيرات لم تضطر للعمل بثلاثة وظائف في اليوم الواحد حتى تتمكن من توفير لقمة العيش ولم نذق مذلة ومهانة وانكسارا حيث يحمل الإنسان شهادة جامعية ويعمل سائق تكسي او نادل في مطعم كما هو مشاهد في دول الجوار. أما في الغرب وأمريكا في الاتجاه المعاكس للأطلسي فقد غدى كل ما هو ترفا وتبذيرا بالأمس صار ضرورة من ضروريات الحياة اليوم وقد قيد هذا الإنسان بالديون من يوم الالتحاق بالجامعة او الحياة العملية الاخرى حتى نهاية عمره، حتى مستلزمات ومتطلبات مراسيم دفنه حيث موته يجب عليه ان تكون مسبوقة الدفع ويخطط لها في ميزانية حياته وإلا مات ميتة كلاب فلا بذلة سموكنج ولا ليموزين أسود ينقله الى مثواه الأخير.. في خضم هذه المسؤولية واللهث وراء مستلزمات الحياة يقف الإنسان في يوم الحب يتذكر انسانيته وآدميته وذاته، فيحمل باقة ورد وليكن أحمرا ويقدمه لزوجته أو لمن يحب تعبيرا عما يجوش بذاته كإنسان. فهل يجوز لأحد أن ينكر عليه ذلك؟ إنه عمل لا يتم جبرا أو قسرا فمن شاء فعل ومن لم يشأ لم يفعل وتمر ساعات المناسبة مر الكرام فلا ضرر فيها ولا ضرار. لا أدري لماذا نحن من سائر مخلوقات الله على وجه الكرة الأرض نعلن حربا شعواء على محلات بيع الورد الحمراء؟ إننا نناطح ونصارع الورد الأحمر كما يناطح ويصارع الأسبان الثيران. إنها باختصار مناسبة يريد فيها الإنسان أن يعبر فيها عن مكنونات نفسه وحبه فلم لا؟ يا أخي دعني أقول لزوجتي تقبلي مني هذه الوردة بهذه المناسبة مع قبلة أحر من كل شيء أحمر ولم لا؟ يا أخي دعني أتنفس الهواء الذي أوجده الله لي ولك ولسائر مخلوقاته ولم لا؟ يا أخي لماذا لا تتركني أن أعبر عن مكنون ذاتي لم لا؟ يا أخي لماذا كل هذا حتى أصبح الحزن والوجوم صفة من صفاتي فلم كل هذا لم؟ إني لا أحتاج إلى هوية أو جواز مسافر فالكل يعرف من أنا ومن أين آت!