** كلما هممت ان اكتب عن حكايات عدد من اخواننا واخواتنا اساتذة الجامعات لايطاوعني قلمي، واظل متردداً لبعض الوقت، مهابة الخوض في هذا الجانب الذي يكتسي جلاله ووقاره من اسم الجامعة او الكلية، كمكان رفيع للتعليم العالي، وانه الأنموذج الجميل في حياتنا، ولذلك فإن اكثر ما يطربني تلك اللحظات التي تقودني فيها الصدف، لان اتجول في احدى جامعاتنا، فأرى الشوارع الداخلية الجميلة داخل حرمها، واتماهى خيالاً مع تلك الازاهير التي تم زرعها بين جنباتها، وذلكم الحس الهندسي الذي تلبس بمبانيها وقاعاتها وارصفتها ولوحاتها وحتى مواقف سياراتها. ** الأسبوع الماضي كنت اجلس مع بروفيسور له اسمه المعروف في عالم تدريس الطب، وخلال الدقائق التي قضيتها معه في مكتبه، كنت منبهرا بوعيه وثقافته ودماثة خلقه وانسانيته، ولم يسعفنا الوقت لمناقشة قضايا كثيرة، وإنما كانت اطلالة سريعة على عقل ابداعي من عقول كثير من دكاترة بلادي، الذين يحق لنا ان نفخر ونفاخر بهم في كل المحافل، وان نقدمهم للعالم ونحن مطمئنون الى اننا نقدم طاقة علمية ابداعية، يمكن لها بسهولة ان تنافس مثيلاتها في كثير من بلدان العالم المتقدم، بل ونتفوق عليها، وانا هنا اعني ما اقول تماما. ** لكننا في الجانب الآخر، وعلى طريقة (الحلو ما يكمل) نسمع عدداً من القصص الدرامية العجيبة عن بعض الاساتذة والاستاذات، من الذين لو لم يكن الذي يحدثك عنه ثقة من الثقات، لقلت في نفسك: انه يختلق اساطير ليس لها حقيقة... اما وقد قالها لك من تثق في قوله وامانة نقله، وصدق حديثه، فانك لا تملك امام تلك الحكايات الواقعية، سوى ان تضرب يداً بيد، على انحدار المستوى التربوي التعاملي لذلك البعض من الاساتذة مع طلابهم، وكيف انهم صاروا يتلذذون باهانة طلابهم، وتقريعهم، والحط من قدرهم، وبعبارة اكثر وضوحاً (تطفيشهم) من اجواء الدراسة الاكاديمية. ** نحن في الواقع نتطلع الى ان تسود الاجواء الاكاديمية مناخات من الحب المتبادل بين الطلاب والاساتذة، واجواء من الحب والتقدير، وان يتحول الحرم الجامعي الى بيئة جاذبة وليس طاردة، وان يتخرج الطالب من جامعته، فيظل طيلة عمره وهو يتذكرها بالخير، ويتذكر كل اساتذتها، ويعرف ان ما كان فيه من خير انما هو بعد الله بسبب تلك القيم الجميلة التي تعلمها من جامعته، لا ان يظل الطالب يحسب الشهور والايام، لكي يتخرج، وينعتق من ربقة عدد من اساتذتها الذين اذاقوه المتاعب النفسية، ولم يكونوا امام عينيه قدوات يفخر ويفاخر بهم!! ** يا ايها الاخوة اساتذة الجامعات.. طالب اليوم (وكذلك الطالبة) هو من النوع الذي (يفهمها وهي طايرة) كما يقولون.. ويستطيع ان يفرق بين الجدية والاضطهاد، وبين النظام والتعسف، ويستطيع استاذ الجامعة ان يصنع من طلابه جيل المستقبل الذي نحلم به، من خلال (اسلوب التعامل) والكثير من الاساتذة استطاع ان يستحوذ على اعجاب طلابه، حتى وهو صارم ولكن من خلال جملة من القيم والمبادئ.. بينما حفنة صغيرة من الاساتذة يبدو انها تريد (وهي لا تدري ربما) ان تشوه صورة الاستاذ الجامعي، وتجعل منه غولاً وشبحاً، وصورة نشازاً لا تصلح ان تكون مع بقية الصف الرائع من زملائه الاساتذة الآخرين. ** في تقديري الشخصي انها ستكون مصيبة ان كان عدداً من اساتذة الجامعة اليوم لا يتعامل بالحوار مع طلابه، مع ان الحوار اليوم صار لغة العالم كله، ومن خلاله يمكن له ان يسمع من طلابه، وان يوصل لهم في المقابل الجامعة كاملة، عبر قناعات مشتركة، وحوارات متبادلة، ولغة راقية من التعامل، اما ان كان بعض الاساتذة ما زال يؤمن بعبارات التهديد، ولغة (الشخط) تلك القريبة من ثقافة الشارع، فإن هؤلاء الاساتذة في تقديري بحاجة ماسة الى دورات سريعة في (فن التعامل والاتصال) مع الآخرين؟!! [email protected]