تقوم منظمة يمنية غير حكومية بمبادرة جميلة تهدف الى استشراف المستقبل عبر خمس دراسات مركزة على السكان والمياه والاقتصاد لمرحلة مابعد النفط والحكم المحلي والعلاقة مع دول الخليج. ويتم النظر الى القضايا الخمس من منطلق أن فيها جزء من الحل وفيها جزء من المشكلة. سيناريو يعتقد أن معدل الخصوبة وتزايد الإنجاب دون تدخل قانوني ورسمي سوف يؤدي الى تضاعف السكان في فترة قصيرة وتزايد الاستهلاك للموراد الطبيعية والتنموية المختلفة ويعمق من حالات الفقر وفقدان المصادر. بينما يرى السيناريو المتفائل أن زيادة معدلات تعليم الفتيات حتى المرحلة الثانوية على الأقل سيقلل من حالات الزواج المبكر وسؤدي الى خفض نسبة حالات الانجاب بسبب اهتمام الأمهات المتعلمات بنوعية التربية للأطفال اكثر من اهتمامهن بزيادة عددهم، وذلك سيعني أن المشكلة السكانية ستتحول الى حل لأنها ستوجد الأجيال الأكثر مهارة وقدرة على ادارة الموارد المتاحة وزيادة حجمها. وبنفس الشكل يكون سيناريو استخدام المياه التي من المتوقع اذا استمرت حالة الاستهلاك العالي لها دون تقنين مع تزايد عدد السكان المستهلكين وحدوث حالات جفاف وانقطاع للأمطار، فإن الأرض الزراعية ستبور، وستعطش المدن وتتزايد حالات الفقر. لكن السيناريو المتفائل القائم على تذكير الناس بالكيفية التي كانوا يديرون بها الجفاف، والكيفية التي كانوا يوزعون فيها مياه الري على الأرض بشكل متوازن، مع الحرص على استعادة مجد حصاد مياه الأمطار عبر البرك والسدود والحواجز المختلفة للوديان والسيول، سوف يؤدي الى رفع مستوى الوعي وشراكة الناس في المبادرة للحلول. وبنفس القدر التفكير في الكيفية التي يتم فيها التعامل مع الاقتصاد لمرحلة ما بعد النفط عبر الاعتماد على الشواطئ الطويلة لليمن في توفير امكانيات الصيد واستخدام الثروة السمكية، والاعتماد على الاستفادة من تحقيق الأمان لتسهيل الإقبال على السياحة. أوالسناريوالمتشائم الذي يعتبر ان بقاء الاقتصاد على حاله ورفع الدعم عن المشتقات النفطية والمواد الغذائية سوف يؤدي الى المزيد من الفقر وعدم الاستقرار. أما الحكم المحلي وكذلك العلاقة مع دول الخليج فقد اعتبرت السيناريوهات المطروحة انها قد تحمل الجزء الأكبر للحل. نصف الكأس: يميل البعض من الناس والمفكرون والمثقفون الى النظر من أحد جوانب الكأس فالمتفائل ينظر الى النصف الممتلئ والمتشائم ينظر الى النصف الفارغ. والقليل من ينظر الى الكأس بما فيه من فراغ ومن امتلاء. خطر على بالي هذا المثال وأنا استمع الى بعض المناقشين للأفكار الأولية للأوراق الخمس. كان أحدهم يتحدث بتشاؤم كبير، ولم يقبل من السيناريوهات البديلة أي سيناريو قد يقدم الحل. قال الدكتور عبد العزيز المقالح وهو استاذ كبير وشاعر شهير ومستشار رئيس الجمهورية للشؤون الثقافية أن هؤلاء الذين يرتدون نظارات سوداء في رؤية كل شيء يمنعون أنفسهم من الاستمتاع بضوء الشمس ويعكسون على غيرهم حالة الإحباط التي يعانون منها. [email protected]