بدأت الدراسة للعام الجديد، لكن عدداً ليس قليلاً من طلاب الثانوية لم يتم قبولهم في الجامعات بعد ان تم " زحلقتهم " الى خارجها، دون ان تسأل اي جامعة عن مصيرهم وبعض اولئك المحرومين اما انه ما زال حبيس البيت او يدرس " على حساب والده " وبالأمس قابلت تربوياً متقاعداً خدم بلاده " " 31 عاماً ثم لم يجد قبولاً لابنه بالجامعة فكان ان ابتلع غصة في حلقه وعرفت حجم الحسرة من خلال ملامح وجهه، مع انه لم يتكلم بكلمة شكوى او امتعاض واحدة .. فهل حال اخينا هذا وامثاله مما يمكن ان نقول انه امر معقول ام انه كارثة؟ . الذي نتج عن تسجيل الطلاب بالجامعات هذا العام، إن من كانت نسبته دون ال % 90 فإن مصير قبوله حسب التساهيل اما من كانوا اقل من % 80 فإن من الأفضل له ان " يستر رقعة وجهه " وإلا يتعب نفسه، وبالتالي فإن حاله يستحق العزاء، لأن كل باب سيطرقه في اي جامعة سيجد من يقول له " من فضلك ورينا عرض اكتافك "!! هذا الاجراء وبكل بساطة هو اتجاه خطير للغاية، فأنت عندما تصدم آلاف الشباب بإغلاق ابواب الدراسة الجامعية في وجهوههم فإن من غير المستبعد ان يذهب اولئك الى قنوات واتجاهات مظلمة الله اعلم بمصيرها ومصيرهم .. فأين يذهب هؤلاء والى اين يلجأون لتحقيق أحلامهم التي كثيراً مارسوها لأنفسهم، وهم فوق مقاعد الدراسة الثانوية، ومن المسؤول عن انحرف عدد من اولئك المصدومين بعد ان وجدوا الابواب مقفلة أمامهم؟ وزارة التعليم العالي حتى الان صامتة امام هذا الإجراء الانتقائي في القبول وهذه النزعة النخبوية التي تمادت فيها عمادات القبول والتسجيل بالجامعات .. وكأن الوزارة لا شأن لها بذلك، مع ان هذا من صميم عملها، ومن اول واجباتها .. ونحن في الواقع نفهم ان تكون جامعة واحدة عندنا او اثنتان، يمكن لها ان تختار نخب واوائل الطلاب كأفضلية في القبول لكن الذي لا نفهمه، بل ولا يمكن فهمهه ان تتحول كل الكليات والجامعات الى ان تمارس هذه الانتقائية البغيضة على طلابنا خريجي الثانوية وتتبارى في فن انتقاء من هم فوق ال 90 وتصبح المسألة وكأنها عدوى اصابت كل الجامعات بحيث لا مكان فيها لمن هم أقل من % 80 فإن هذا أمر خطير، وعمل غير منطقي وغير واقعي .. لأن الأصل أن تتاح الفرصة للشاب الخريج أي خريج في ان يحصل على حقه المشروع في الدراسة الجامعية .. فإذا لم يحصل الشاب السعودي على مقعد بالجامعة في بلده، فأين يذهب، وما هو البلد الذي سيحتضنه إن لم يحتضنه بلده وأهله؟ . والحقيقة أن وزارة التعليم العالي مسؤولة أمام الله تعالى، وأمام ولي الأمر حفظه الله، وأمام المواطنين . في أن توجد الآليات الواقعية لحل هذه الفزورة المتكررة ، وإزالة هذا الصداع الموسمي الذي يتكرر ، ويشكل في واقع الأمر خيبة أمل عريضة للكثير من ابنائنا وبناتنا خريجي الثانوية العامة .. وأظن أن الأصل أن يتم تحقيق رغبة كل خريج في الكلية والدراسة التي يرغبها .. لا أن يتم تصريف الاعداد الكبيرة من الخريجين الى دراسات وتخصصات لا تؤكل عيشاً، بعد أن ثبت ان من سبق وأن درس بها مازال يشكل رقماً مهما في سوق البطالة ، ولازال حبيس بيته ينتظر الوظيفة الغائبة منذ سنوات . والحقيقة أنه أمر غير طبيعي هذا الذي يحدث لخريجي الثانوية العامة .. وعلى القائمين على هذا الشأن أن يتقوا الله فيهم ، ويوجدوا لهم مواقع دراسة ونوافذ أمل، تعطي الوطن مستقبلاً من خيرهم وبرهم ووفائهم .. بدلاً من هذه الممارسات العشوائية في القبول، وترك الآلاف حيارى لايدري أحدهم ماذا يصنع بورقة نجاحه أن كان أحد سيقول له : " بلّها .. وأشرب مويتها " ؟ !! bakeet8@ hotmail. com