قديما قال الشاعر : أيها الشاكي وما بك من داء كن جميلا ترى الوجود جميلا هذا البيت الجميل لو رأى صاحبه حال بعض قومنا المتباكين أصحاب ثقافة الإحباط والتثبيط ، لهان عليه حال الشاكي ، وخاطبهم بقوله " أيها الناكر " أو " أيها الجاحد " . في حياتنا الشخصية وعلاقاتنا الاجتماعية نتعرض لجحود ، ونغضب ثم ننسى أو تنسينا الأيام . . لكن أن يكون الإنسان جاحدا بفضل الوطن ولا يرى فيه شيئا جميلا ولا يعترف له بجميل، فهذا هو الداء الأخطر ، لأن مثل هذا الصنف نفوسهم قاتمة . . فلا بنعمة ربهم يتحدثون ولا لوطنهم يوفون وكأن الواقع عندهم نفق طويل لا يرون فيه ضوء لا في بدايته ولا عند نهايته ، ولا يرون الضوء إلا خارجه حيث تتعلق أفكارهم . في اللقاء الرحب الذي عقده صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة مع أعضاء مجلس إدارة النادي الأدبي الثقافي بجدة والنخب الثقافية بالمنطقة ، تحدث سموه عن " ثقافة الإحباط " التي تبث عدواها وتشوه كل ما هو جميل من مكانة الوطن وإنجازاته العظيمة من أجل الحاضر وأجيال الغد . وفي نفس الخطاب الثقافي دعا الأمير رجال الفكر والعلم والمثقفين أن يتضافروا على نشر " ثقافة الأمل وثقافة المستقبل " في مؤسساتنا التعليمية والثقافية ، وحسم المقياس الأهم لتقدم الأمم بأنه يكمن في تقدمها الثقافي والإبداع الأدبي والفني . نعم سمو الأمير نحتاج بشدة إلى ثقافة الأمل التي دعوت إليها لتغذي الهمم والإرادة . . وثقافة المستقبل التي تنهض بالفكر والإبداع وتدفع إلى الجهد والبناء للغد ، وصياغة الأجيال على هذه الروح لتتمسك بثقافة الأمل والمستقبل وتمارسها أسلوب حياة وعطاء وبناء ، وتتلاشى ثقافة الإحباط من قاموسنا ولا يبنى عليها فكر سلبي أو مغرض أو هدام . أصحاب ثقافة الإحباط يمطرون مجتمعنا الكبير بوابل من فيروسات نظرتها القاتمة وأحكامها القاصرة لأنهم لا يرون إنجازا ولا نقلات حضارية متسارعة تتسع لها الحدقات . . وإن رأوا وسمعوا بها فلا عين رأت ولا أذن سمعت ! بلادنا ولله الحمد كبيرة شامخة . . عظيمة في رسالتها . . منيعة في أمنها . . متعافية في مسيرتها . . حكيمة في سياستها . . سديدة في خطواتها ، لكن للأسف لا يراها أصحاب ثقافة الإحباط إلا من سم الخياط . . لكن الأخطر هو تلك الحالة المزمنة أو المستعصية بين من سجنوا عقولهم داخل أفكارهم الضيقة ويطلقون العنان لألسنتهم في جلساتهم المغلقة ، وفي ذلك يتنافس الجاحدون ، ولكل منهم ما نوى . فماذا ترك أصحاب ثقافة الإحباط أو مرضى الجحود والنكران لحاسدي الوطن في أمنه واستقراره وتلاحمه . أخشى أن يقف البعض " لا سمح الله " على مسافة واحدة مع من يستكثرون علينا لنا الخير والاستقرار الذي نحمد الله عليه . . فعندما تتقاطع الأفكار والمصطلحات والكم الهائل من الغشاوة والإصرار عليها ،لابد وأن يقفز ألف سؤال وسؤال : لماذا ؟ . . ولمصلحة من ؟ . . ومن أين يستقون هذه أفكارهم ؟ وأين صدق الوطنية وحق الوطن ؟ وما حدود المتغيرات عندهم ومساحتها ؟ ومدى انحراف بوصلتها صوب العم سام ؟ ! . كم أتمنى أن يخرج علينا أحد من أصحاب ثقافة الجحود والانسلاخ وشعار " خالف تعرف " أن يقول لنا رأيه في حملة ضد أوباما تتهمه بأن أصله وفصله مسلم ، وأنه لا يزال في دواخله ينتمي للإسلام . . كما أن المستر ماكين سئل بأن أوباما يميل للعرب فقال : إن السيناتور أوباما رجل طيب ونقي ومواطن أمريكي مخلص لبلاده . . هكذا ابتعد ماكين عن " حفرة " الإساءة لمنافسه ، وقذف بالإساءة كلها في وجه العرب والمسلمين بل جعلهم التهمة نفسها ، ولو سئل أوباما نفسه بالسؤال ذاته لاعتبره تهمة ونأى بنفسه عنها ! . يا من غرقتم بحسن نية في ثقافة الإحباط والانتقاد في " الفاضي والمليان " أعيدوا حساباتكم ولا تروا الهوام جبالا من السلبيات . . ولا يطالبكم أحد بأن تقولوا أن كل شيء جميلا ومثاليا وعشرة على عشرة ، فهذا ليس له وجود في كل بلاد الدنيا ودول العالم ولم يطالب بذلك مسؤول ولا مواطن عادي ،وإنما بالنقد الهادف الذي يكشف خطأ أو قصورا أو حتى فسادا ويتابعه حتى التصحيح والعلاج أو المساءلة والعقوبة إن ثبت ما يستحق . إن مجتمعنا يحتاج لفكر المفكر وثقافة المثقف وللقلم المبدع وللأطروحات التربوية والاقتصادية الرصينة جنبا إلى جنب مع نقد الواقع في حدوده ، وأن نمارس لغة الأمل ونبني عليه الغد . . فمن كثرة جرعات الإحباط سادت قناعة بأن الرأي والنقد لا قيمة لهما إلا بطرح السلبيات وتعميمها . على امتداد الوطن انجازات سامقة ومثمرة وبوتيرة سريعة ، ونشهد الكثير مما يستحق الاعتزاز ونراه بنفس جميلة ، وقناعات أجمل تأخذنا نحو ثقافة الأمل والمستقبل . . أما المخدَّرين في مستنقع النكران والمشككين والمثبطين ومرضى الإشاعات ومدعي البطولات ، نتمنى أن يفيقوا من تعلقهم بخيوط واهية ويتمسكون بالأهداب المتينة وسيجدون الوجود جميلا في مسيرة الوطن وشركاء فيها . نقطة نظام : للأمير خالد الفيصل : غنيت حبك ياوطن نبعك شرابي في الحياة يانشوة العز وهواه لاجاك لو كفنوني تذوب وامشي على جمر الغضاه sh 98 khalid@ gmail . com