في زمننا هذا أصبح 90 ٪ من المستهلكين..فالغش والغلاء يذبحهم بسكين بارد . ومن أجلهم انعقد "المنتدى العربي الأول لحماية المستهلك من الغش التجاري " برعاية صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة ، وهو بادرة موفقة ، ولا بد من وقفة مع توصياته التي نتمنى تطبيقها من كافة الجهات ذات الصلة. 780 مليار دولار هي حجم خسائر الغش التجاري والتقليد نصيب العرب منها 50 مليار دولار أما خسائر بلادنا فتقدر بحوالي 20 مليار ريال من جيوب المستهلكين المضحوك عليهم في محل نصب ، والفاعل تاجر وبائع ضميرهم مستتر ، فلم يعد هناك شيء أصلي إلا وله بدائل تقليد حتى الفياجرا التقليد تدخل أسواقنا بملايين الحبات ويتم ترويجها للمخدوعين! أليس غريباً أن يباع في أسواقنا أي شيء من بضائع لا أصل لها ولا منشأ ، ولا تعرف لها مستورداً وكيف استوردها . زمان سمعنا المثل يقول ( إللي عند قرش محيره يشتري حمام ويطيره ) واليوم من لديه قرشين يخطف رجله إلى الصين وهونج كونج وتايوان ويقضي يوماً أو يومين يتعرف على مئات المصانع والتجار الذين يلبون له مواصفاته بأسعار بخسة وفي نفس الوقت يعمل سياحة ، مثل ما يقول المثل عندنا ( حج وبيع سبح ) وفي يوم وليلة يصبح الواحد تاجراً ويدخل عالم البزنس . ألف سؤال وسؤال حائر عن عطور مغشوشة وساعات فالصو يباع الكيلو منها بعشرات الريالات وبعضها يحمل أسماء ماركات عالمية .. كذلك أدوات كهربائية إما تعطل أو تنفجر وصحون بلاستيكية تسبب أمراضاً خطيرة ، وقدور ضغط تنفجر من أقل ضغط ، وإكسسوارات تصيب بالارتكاريا ، ونظارات أسعارها تلفت النظر ولبسها يخطف البصر.. أما الأخطر فهو رواج قطع الغيار التقليد للسيارات والتي صنعت لتتآكل أو تنكسر في أول الطريق وأنت وحظك فإما تلحق نفسك وتحمد ربك على الستر والسلامة ، أو تدخل طريق الندامة لا سمح الله . الغش يا مسئولينا الكرام طال كل شيء ونال من كل شيء .. من صحة الناس قبل فلوسهم وزاد تجار الغش والسموم من جشعهم ، واستشرى استغفال الناس ، وأصبحت الشطارة في التجارة بالنصب والتدليس في البيع والمعاملة والعلاقات الحياتية ولم نعد ندري أين هؤلاء من الحديث النبوي الشريف لسيد الخلق ونبي الرحمة المهداة صلوات الله وسلامه عليه وآله ( من غشنا فليس منا ) . بكل أسف المستهلك أصبح يهمه السعر الرخيص ، وأسواقنا مليئة من الثلاجات والتلفزيونات وبسطات تبيع المكسرات والفصفص والعسل ودهانات وكريمات وخلطات تبيع الوهم للبسطاء من علاج البرد إلى خلطات الفحولة والمتعة للرجال والنساء ، ولا أحد يسأل سوى البلديات التي لا يهما سوى تسجيل كم عربة بيع متجول صادرتها .. أما المحلات المكدسة بالمغشوش والمقلد وأجهزة تباع بعشرات الريالات وهي لا تساوي ريالات معدودة ، وانظروا إلى محلات أبو ريالين ومحلات الاستبدال وبيع المستعمل كم فيها من بضائع وسلع لا أول لها ولا آخر كلها مقلدة وأجهزة منزلية وكهربائية لا تعرف لها وكيلاً ولا مستورداً ولا صيانة، وما عليك سوى أقرب صندوق قمامة لتتخلص منها بعض خرابها . هذا يذكرني بتجار الحروب في بلاد العالم ، فلدينا تجار محترفين في استنزاف أموال البسطاء الذين يحتاجون إلى حمايتهم من هذا الغش وتوعيتهم .. ولم يصادف مرة أن رأيت حملات توقف تجار المقلد والمغشوش ، باستثناء رقابة أجهزة وزارة الثقافة والإعلام لحماية حقوق الملكية الفكرية. أتمنى لو أن الأجهزة الرقابية بوزارة التجارة تحسم الأمر بالنظر للمستهلك وحجم خسارته من صحة وأموال وخسائر اقتصادية بالمليارات ، وفي نفس الوقت يتحمل وكلاء الماركات العالمية نصيبهم من المسؤولية ، فهم يتمسكون بأسعار من نار ويستنزفون المستهلك في تكاليف الصيانة ثم يشتكون من خسائر الغش التجاري عليهم ، وهذا الخلل في الأسعار بين الأصلي والتقليد يساعد على وجود المشكلة ، لأن كثيراً من المستهلكين لا يملكون ثمن السلع الأصلية أو المعتمدة في مواصفاتها ولا يريدون وجع القلب في الصيانة وتكاليفها التي قد تبلغ ثمن الجديد. الحديث عن الغش كثير وعن حماية المستهلك يطول ، والمطلوب تنظيف الأسواق من الغش التجاري ومنع دخول أية سلع لا تخضع للمواصفات ، ولابد من توعية المستهلك بثقافة الاستهلاك واقتصاد الأسرة بدلاً من ترك الحبل على الغارب في الأسواق وعادات الشراء حتى استشرى الغش في كل شيء ونال من النفوس بخراب الذمم ، وقد استشرت عدواها في الخدمات والتشطيبات الإنشائية ، وغير مستبعدة في مجالات العمل ممن يستغلون وظائفهم ليركبوا موجة التحايل على المال العام وتكريس الوقت والأفكار لتجيير مصالح العمل إلى المصلحة الشخصية . لا بد من وقفة تحمي المستهلك وتعيد لأسواقنا ضوابطها وللنفوس ضميرها . نقطة نظام : قال تعالى { لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم } [email protected]