يفترض في شهر رمضان ان يتجه المسلم الى العبادة وطلب المغفرة والسعي الى صالح الاعمال، وليس بمتابعة المسلسلات التلفزيونية التي تتسابق الفضائيات في الاكثار منها بهدف ظاهر للعيان امتاع المشاهد العربي في داخل الوطن العربي وخارجه، وفي الباطن صرفه تماماً عن اداء الصلوات في اوقاتها وخصوصاً صلاة التراويح والتهجد في الثلث الاخير من شهر رمضان المبارك. فالمهتمون بتغذية الشاشات الفضية في الفضائيات العربية في ماراثون المسلسلات التفزيونية، دراما من مختلف الاشكال والالوان والميادين، دين، تاريخ، اجتماع، سياسة، واحياناً يجتمع اكثر من لون في مسلسل واحد! كما ان هناك اهتماما ظاهرا ببرامج الترفيه والتسلية كالفوازير الرمضانية، والكاميرا الخفية والمسابقات التي تأخذ الطابع العقدي في مجملها! وهناك البرامج التي تروج لسوق الفنانين عبر استضافة اغلبهم في الاستديوهات، وتدخل في حوارات في كل ما هب ودب من قضايا وخاصة لا تتعلق بالشهر المبارك! وتحمل المسلسلات الرمضانية حبكة وتفاصيل اجتماعية معاصرة او سياسية! بعيدة عن فضائل شهر رمضان المبارك! ان الصائم في رمضان يحتاج الى مسلسلات دينية تتناسب مع شهر الصيام والقيام، وخصوصاً في الفترات السابقة للافطار التي تبدأ عادة من الظهر وحتى حلول موعد الافطار. وفي الفترة التالية التي تمتلئ فيها البطون وتهدأ فيها النفوس تحتاج الى كل ما لذ وطاب من برامج خفيفة، ودراما وكوميديا تسلي عين المشاهد او تضيف الى معلوماته كمسلسل فارس بلا جواد والشتات اللذين استطاعا ان يكشف مؤامرة الصهيونية والى جانبها الراعي الامريكي ضد العرب والمسلمين، ومحاولتهما اليائسة في التحصين بعبارة "معاداة السامية" لكل من يظهر على الملأ حقائق الصهيونية ومؤامراتها على هذه الامة التي بات من الواجب القومي كشف زيفها وألاعيبها وخداعها دون خوف او وجل او خشية كائن من كان، فالحق يعلو، ولا يعلى عليه بأي ضجة اعلامية تحاول تحتكر لذاتها "عرق السامية" التي يحلو للصهيونية ان ترددها بين الحين والآخر حينما يتم الكشف عما تخفيه من مؤامرة ضد العرب والمسلمين، وعملها الدؤوب على اثارة القلاقل والفتن والفساد بين الشعوب والامم التي تم عرضها في عام 1427 ه على الشاشة الفضية. فهل تهتم الفضائيات بهذا الجانب الذي اهمل منذ بداية الصراع مع العصابة الباغية في فلسطين العربية المحتلة؟ ومع تزايد الاهتمام بما تعرض الشاشات العربية الفضية طوال شهر رمضان المبارك تسعى الفضائيات جاهدة لتحقيق اعلى متعة في مشاهدة قنواتها التلفزيونية، وجذب اكبر عدد من مشاهديها لمتابعة ما تبثه على محطات التلفزيون في القطاعين العام والخاص مع التنافس في عرض برامجها وافلامها التي تغطي رغبات مشاهديها الذين يحلو لهم قضاء اوقات ممتعة في السهر في ليالي شهر رمضان، وبعد فترة الافطار، ففي هذا العام 1429 ه تعرض قناة الرسالة برامج دينية، وهي على سبيل المثال لا الحصر "همسة": برنامج ايماني ديني تنويري يهدف الى غرس مفهوم حب الله في النفوس المؤمنة، ورفع درجة الايمان في القلب من خلال تكثيف القصص الواقعية مع ربطها بالتراث الاسلامي. "الاذكار الحافظة": ستون فقرة قصيرة كل منها يتراوح بين دقيقتين الى ثلاث دقائق تعرض كل منها دعاء مأثورا من الاذكار الحافظة. "الاسلام لكل زمان": اكثر من اربعين فقرة قصيرة لمواضيع انسانية حية، كيف كان الاسلام سباقا لحفظها ورعايتها عبر التاريخ، وقبل ان يلتفت اليها عالم اليوم الذي يطالب بحقوق للانسان. "علمني التاريخ": برنامج قصصي تاريخي اجتماعي يستخرج دور التاريخ ويخلط متعة القصة بفائدة التأمل والعبرة لتحليل منحيات الصعود والهبوط في تاريخ الامة الاسلامية العظيمة، من تقديم د. طارق السويدان. كما تعرض شاشات الفضائيات العربية اكبر تجمع لاشهر النجوم، واضخم المسلسلات خلال شهر رمضان الحالي، بعضها ديني تاريخي، والبعض الآخر اجتماعي وفني. فهل يراعي اصحاب هذه الفضاءات "الفضائيات" هذا الشهر شهر العبادات ،ان يبثوا ما لديهم من دراما كوميديا وبرامج وهادفة بعد شهر رمضان ومدار العام بدلا من هذا الحشد الفني والثقافي والاعلامي في شهر العبادة، شهر رمضان الذي يتجه فيه المسلمون في مشارقها ومغاربها الى بيت الله الحرام في مكةالمكرمة طلباً للتوبة والمغفرة والرحمة!