فى كل عام رمضاني يتألق مشائخنا القاسم والثبيتى والحذيفى وآل الشيخ والبدير وعفواً إن نسيت أحداً منهم سماء الفضيلة خاصة فى صلاة القيام واخص منها التراويح لأن الكثير من الناس يتواجدون فيها وتحف قراءاتهم المحكمة لكتاب الله الكريم جميع جوانب المسجد النبوي الشريف بصدى رهيب يتغلغل في القلوب الغافلة ويخرج الدموع المتحجرة من العيون الجاحظة .رحماك ربى إن من يحضر هذه التظاهرة الإيمانية البديعة يخرج من الدنيا صاغراً ولو لدقائق ليشعر أولاً مدى حقارتها وثانياً حلاوة وطراوة ماينزل إلى جوفه من القرآن الكريم من هؤلاء المشايخ الكرام كالسلسبيل الذى لاوجود له فى متاع الدنيا من أولها إلى آخرها وكلنا يعلم أن قراءة القرآن بدون إنصات واستماع جيد وتدبر متناه لاتبلغ مداها فى النفس البشرية وان عامل الجذب فى هذا كله متوفر فى مشائخنا الذين نوهنا عنهم سابقاً لذا فإن إحكام هؤلاء الرجال لكتاب الله وإلقائهم إياه على الملأ بالصور التى نشاهدها منهم أمر يشعر المسلم إن هناك دائرة ضخمة تقوم على كتاب الله وهدي محمد صلى الله عليه وسلم فهي لاتخرج بأية حال من الأحوال قيد أنملة عن أوامر ونواهي الكتاب والسنة والدلائل من هذا وفى هذا تشير إلى أن الدولة السعودية الإسلامية القوية بأمر ربها هي المعنية بهذا . ومن المجحف حقاً إن أهملنا الحديث عن روعة المكان روحانياً وإبداعياً فى الخدمات وفن العمارة الإسلامية التى حباها الله لجميع الأماكن المقدسة والدينية فى بلدنا المعطاء وقد يقول من يجهل التميز فى اى عنصر من العناصر الدنيوية نحن هنا بصدد النجوم القرآنية المتمثلة فى هؤلاء الرجال الذين تم إعدادهم إعداداً جيداً لمهمة من أفضل المهام الدنيوية والأخروية والذين لايزالون بتوفيق من الله يمتعوننا بالأصوات الشجية والتلاوة الزكية إلا أن العناصر الأخرى المكملة لنمو الإبداع أو تلك التى تعتبر من أساسياته لابد من تواجدها جنباً إلى جنب مع العين ولو قلنا جدلاً أن اُسر هؤلاء الرجال كان لها الدور الأساس فى بروزهم ثم يلي ذلك مشايخهم ثم المجتمع المحيط بهم أليست هذه الأدوار هي التى هيأتهم لخوض غمارات جبارة قد يراها غيرهم صعبة بل ومستحيلة كذلك العطاء الابداعى فى بقية الحوافز التى تعدت الانبهار والشموخ حتى أصبح العالم بأسره يتحدث عنها وعن أسطورة انجازاتها ولقد حضرت محاورة بين مسؤول عن تلك الخدمات فى المسجد النبوي الشريف وبين إنسان عادى آخر كان يريد التصوير لمواقع معينة فى الحرم عبر كامرته الآلية فقال الآخر للمسئول لماذا لاتريدنى أن أصور هذا الجمال فى العمارة والنظافة والفرش المتألق ليراها أهلنا فى بلادنا المغايرة للدولة السعودية ويعرف الناس حقاً أن لكل شجرة مثمرة متربصاً بالحجارة وقد اعجبنى رد المسؤول له عندما قال يخاطبه أترضى أن يشغلك آخر وأنت فى صلاتك بما يشبه التصوير فاقتنع الرجل وذهب إلى حال سبيله راضياً . قد تدعونا بادرة ذاك الحوار إلى تلمس تلك الصغائر التى تحدث فى الهيكل الابداعى الذى كلف الكثير بمعنى أن لانتركها تكبر فالسوس حرابته مبكراً تقضي على مشاريع توسعه وابدأ من النجوم بمقولة الفشل أو الخطأ طريق النجاح وان كنا نعلم أن هناك من حفظة القرآن الكريم يتواجدون بأعداد هائلة خلف الإمام المكلف بمهمة أداء الصلاة والخطبة والدعاء والملاحظ فى هذا أن الإمام إذا أخطأ فالذي خلفه مباشرة يرد عليه بصوت منخفض لايسمعه الإمام وربما لمرة أو مرتين مما يجعل ذلك بقية الحفظة يردون بشكل جماعي يضطر على أثره الإمام أن يركع منهياً التلاوة حتى لايخوض فى أخطاء أخرى ونتمنى على الله ثم على القائمين بهذا العمل الشريف التنبيه أولاً على الإخوة الحفظة الذين هم خلف الإمام أن لايرد على الإمام إلا شخص واحد وبصوت مرتفع يستطيع الإمام القارئ استيعابه ثم أن هناك طلباً آخر من شيوخنا الأفاضل ونجومنا الرمضانية المتألقة أن يعطوا المجال لمن يتمتع بصوت مؤثر فى الدعاء لأن هذا له تأثير بالغ فى حبائل الشعور الإنسانية ومن الخلف إلى السلف نروم أيضا أن يتم إعداد شرائح عديدة مدربة ومؤهلة على قراءة القرآن الكريم فى الصلاة سواء كانت سنناً أم واجبات وفى الحرم النبوي الشريف أو فى بقية المساجد بأصوات شجية وتلاوة مرتلة حتى يتحقق قول الله العظيم " ورتل القرآن ترتيلا " ليس فى المدينةالمنورة فقط بل يمتد هذا العطاء إلى مملكتنا الحبيبة ونطمع أن يعم هذا الخير لخارجها من بلاد المسلمين وأيضا ليس فى رمضان وحده بل يشمل هذا الخير بقية الشهور . قبل الوداع : هناك مشاهدة ألمتني جداً تتربع على هذا الصدر الشامخ قد تسيء إلى الصورة الناصعة البياض التى شكلتها بعد جهد جهيد إدارة الحرمين الشريفين برجالها المخلصين ألا وهى بعد نهاية الصلوات الخمس فى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحديداً بعد صلاة العشاء بوقت لا أتذكر مداه يقوم عمال النظافة بجمع ثلاجات ماء زمزم بطريقة مزعجة جداً وكأنهم فى الشوارع الصاخبة حيث يقوم العامل إما بسحب الثلاجة على البلاط ويحدث بذلك صوتاً مزعجاً أو يقوم بدحرجتها على البلاط أيضا وتزداد الأصوات هنا وهناك لدرجة أن من أراد أن يمكث رويدا يقرأ كتاب الله لايستطيع وكأنهم بهذا العمل الشنيع يجبرونه على مغادرة المسجد فهل هذا العمل مجاز لهؤلاء العمال فإن كان مجازاً نلفت انتباه الإدارة ونعلم يقينا أن فضيلة الشيخ عبدالعزيز الفالح نائب الرئيس العام لايمكن أن يقره أو أن يقبله لمافيه من الإزعاج وأيضا الإضرار بهذه الثلاجات والله الموفق . المدينةالمنورة : ص .ب2949 Madenah-monawara .com