ولا يسعني في هذا المقام الا ان اصلي واسلم على من كان سبباً وراء اعطاء هذه المدينة تلك المكانة السامية صلى الله عليه وسلم وخصها بما هي عليه من الفضائل التي لم تكن لغيرها من المدن والتي امتدت آثارها حتى وصلت اهلها .ومنها كرامات دنيوية وغيرها اخروية فالدنيوية منها على سبيل المثال لا الحصر كدعائه صلى الله عليه وسلم لها بالبركة في صاعها ومدها ودعائه للجالب اليها .كما دعا صلى الله عليه وسلم على من اذى اهلها فقال : " من آذى اهل المدينة فانه يذيبه الله كما يذوب الملح بالماء " واما الكرامات الاخروية فمنها ايضا انه يشفع لاهلها يوم القيامة لقوله صلى الله عليه وسلم " من صبر على حرها وبردها ولاوائها كنت له شفيعاً او شهيدا يوم القيامة " وميزها بقوله صلى الله عليه وسلم : " ان اول من تنشق الارض عنه يوم القيامة انا ومن بعدي اهل بقيع الغرقد فانا شفيع او شهيد لهم يوم القيامة " تلك الفضائل ومكرمات لم تكن لغيرهم من اهل القرى .ولا اشك مطلقاً انه كانت لانعكاسات تلك الفضائل والمكرمات ايجابيتها على اهل المدينة فتلحظ عليهم ما تلحظه على من يتحلى بلباس التقوى والاخلاق الفاضلة ويظهر ذلك جليا في تعاملاتهم وايضا في طريقة محادثاتهم لبعضهم باستعمالهم لضمير الجمع في تخاطبهم كقولهم جئتم وذهبتم وقلتم بل واكثر من ذلك حينما يخاطب الأخ أخاه وهو يكبره سناً لا يناديه الا بقوله " ياسيدي " او كان يتحدث عليه فيقول " قال سيدي او جاء سيدي ..الخ " وتسمع هذا النداء لكل من يكبر المنادي سناً تلك سليقتهم وهذا طبعهم .وقبل ان اختم حديثي هذا اسأل من سكن هذه المدينة وهي المدينةالمنورة من اهلها والمقيمين بها ان يحافظوا على هذه النعمة التي انعم الله بها عليهم وان يحاولوا جادين في نشر هذه الفضائل بين اخوانهم من ابناء الامة الاسلامية وان يكونوا مثالاً يحتدى في سمو الاخلاق اقتداء بمن بعث ليتمم مكارم الاخلاق صلى الله عليه وسلم والى لقاء آخر ان شاء الله .