عندما يأتينا ضيف عزيز نستقبله بالسرور وسرعان ما نستعد له بالمكان وأطيب الطعام ، فما بالنا بشهر رمضان شهر الصوم ، شهر الخيرات والبركات ، شهر المغفرة والعتق من النار ، شهر القرآن فيه ليلة خير من ألف شهر . حري بكل مسلم أن يستعد لهذا الزائر الكريم بما يليق به ، ليس بالطعام وتكديسه ولا بالشراب وتجهيزه ، وإنما بخير الزاد من التقوى والعبادات والإقبال على الله عز وجل ، لنحصد فضائل شهر الصوم التي هي غذاء حقيقي أزكى للروح وعافية للبدن ، ففيه رضا للنفس وغرس للمحبة ونزع البغضاء ، وتقوية لصلات الأرحام ، والتسامح بين الناس ، وتهذيب للطباع وتزيينها بأخلاق الترابط والإحسان ، وفيه يستقيم السلوك حيث يستعظم الصائم الصغائر ولا يقرب فسادا أو محرمات ما ظهر منها وما بطن .فأيشهور وأي أيام تحمل كل هذا الخير لأمة الإسلام كما نعيشها في رمضان . ولهذا فشهر رمضان مدرسة عظيمة وزاد للمسلم الفطن لبقية العام في صدق العبادة لقوله تعالى في حديثه القدسي " كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به " ..كما أنه مدرسة في الطب ، ففي الصوم قوة وصحة للأبدان من الأسقام ، وهو مدرسة في جهاد النفس كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم عنه أنه الجهاد الأكبر .وهو أيضا مدرسة في البذل والإيثار والمسارعة إلى الخيرات والتجارة الرابحة مع الله ابتغاء مرضاته والفوز في الدارين ، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم من أجود ما يكون في رمضان . ورمضان هو شهر الصبر ، وما أحوج الإنسان إلى هذه الفضيلة التي تتجلى في نفس الصائم ويستشعر بها حلاوة الإيمان ، وهو شهر الجائزة الكبرى من الحق تبارك وتعالى بالتوبة والمغفرة والعتق من النار لقوله صلى الله عليه وسلم " من صام رمضان إيمان ًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه " شهر يفوق على الشهور بليلة من ألف شهر فضلت تفضيلا طوبى لعبد صح فيه صيامه ودعا المهيمن بكرة وأصيلا وبليلة قد قام يختم ورده متبتلا لإلهه تبتيلا وفي الشهر الكريم يتجلى الاهتمام في هذا البلد الطيب بالمساجد عامة وبالحرمين الشريفين خاصة .وجزى الله خيراً ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين ، على كل ما يقدمونه ويبذلونه في خدمة الإسلام والمسلمين والسهر على راحة ضيوف الرحمن في كل المواسم من حج وعمرة وقاصدي الحرمين الشريفين ، ونسأله سبحانه التوفيق والسداد للجهود الكبيرة والمستمرة في هذه المسؤولية الكبرى . فالحرمان الشريفان مهيئان ليل نهار وعلى مدار العام لقاصديهما ، ويشهدان في رمضان خطة متكاملة لاستقبال المعتمرين والمصلين الذين تتضاعف أعدادهم ابتغاء فضل العمرة في الشهر الفضيل ، ومن أجلهم تسخر المملكة كل إمكاناتها وطاقاتها البشرية والمادية ، والسهر ليل نهار لتوفير أعلى درجات الراحة والطمأنينة لهم . وها هي الاستعدادات تتكامل من كافة الأجهزة وخاصة العاملين في خدمة المعتمرين خلال شهر رمضان بما يليق ومقاصدهم التي من أجلها يأتون من كل فج عميق ، وهذا هو عهد الأمة ببلاد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية وبقيادتها الرشيدة حفظها الله وبأبنائها الأوفياء الذين يدركون حق ضيوف الرحمن عليهم . مرحبا بشهر الخير وهو يطل علينا بنفحاته الإيمانية ..ولنستعد له بقلوب متشوقة لأيامه ولياليه العامرة بالخيرات وصالح الأعمال ..نسأل الله أن يبلغنا رمضان وأن يتم علينا نعمة الصيام والقيام والقبول .وكل عام وقيادتنا وبلادنا وأمتنا بخير إنه سميع مجيب . مكة المكرمة