مصيبة تفشي ظاهرة الإخلال بالتعامل بين أوساط أناس يؤمنون بالله وسوله ويعرفون مبادئ الإسلام ثم ينكرونها أمام إغراءات دنيوية زائفة جعلت المرء في حيرة من أمره فيمن يثق ومتى يثق، فالوجوه توحي بالثقة والأمانة يسمع منها المرء الإيمان المغلظة والتشدق بالأمانة والوفاء بالعهود وفي النهاية تظهر التكشيرة على تلك الوجوه وينكشف باطنها وتظهر مواطن الكذب والخداع والتدليس والضحك على عباد الله .. لقد ضربنا مثلاً سيئاً في المعاملات والتي هي من ركائز صفات المؤمنين لقول الرسول صلى الله عليه وسلم " الدين المعاملة " وأصبح التعامل بين الناس في كثير من الحقائق والحقوق والأمانات خارج ضمير الإنسان وبات المرء من بني الإنسان يعمل تفكيره قبل المرة الواحدة مليون مرة لكي يبرم عقداً أو يجري تعاملاً مع الآخر في كيفية حفظ حقوقه . إن ما حدث ويحدث من استغلال ثقة الآخرين في أعمال تجارية أو استثمارية أو علاقات شخصية وكسب ثقتهم في التعامل بلباس ظاهره الصدق والأمانة وحسن النية وباطنه الخداع وأكل أموال الناس بالباطل أوجد خللاً فظيعاً في التعامل بين الناس وأصبح الحذر في أعلى مستوياته عند التعامل لفقدان المصداقية لكثرة القضايا التي تعج بها أروقة المحاكم وأقسام الشرط من خفر للذمم وإنكار للحقوق . إن تلك الشريحة من الناس التي ساهمت بتفشي ظاهرة العبث في المعاملات الإنسانية والتي استباحت لنفسها طريق الغش والخداع والتلاعب بالحقوق وجدت في المماطلة والحضور والغياب لجلسات الحكم والتحايل بالرفض والنقض واستغلال طول فترة مواعيد الجلسات طريقاً تسلكه لتحقيق غاياتها في ارهاق صاحب الحق . إن سرعة الحكم وقوة التنفيذ والتضييق على فاقدي المصداقية خلاص لكثير من ضحايا النوايا السيئة ودعاة المصداقية . إننا نريد مجتمعاً تتجلى فيه المصداقية وتصدق فيه الكلمة ويأمن فيه الناس على حقوقهم، ففقدان المصداقية وضعف الثقة في أوساط مجتمع ما أمر خطير يترتب عليه شيوع التحايل وضعف التعامل وفوضوية التنمية . نريد أحكاماً صارمة غير مؤجلة لمن أراد أن يمارس فنون خداعه ومكره وغشه لننعم بمجتمع يكون فيه التعامل من أرقى درجات الممارسة الانسانية فلا يخاف المرء على ماله ولا يتوجس صاحب حق خوفاً على حقه .