لا أحد ينكر الجهود الكبيرة التي يؤديها منسوبو إدارة الجوازات في محافظة جدة وكل مدن المملكة الأخرى. إصدار جواز سفر جديد لا يستغرق أكثر من ساعة أو أقل. تجديد الإقامات والخروج والعودة يؤدى بنفس الجدية ونفس الوقت، وإن كان هذا القسم يحتاج إلى دعم في عدد الأفراد الذين يعملون فيه. الشيء الملفت والمحزن والذي يمكن تسميته مأساة إنسانية في جوازات جدة هو وجود مجموعة من النساء السعوديات اللاتي يعملن خارج مبنى الجوازات ويقمن بتصوير وملء المستندات المطلوبة بمبلغ زهيد. هؤلاء النسوة العفيفات الشريفات المحتشمات اللاتي يبحثن عن لقمة عيش حلال وبالتأكيد أنهن لم يقمن بهذا العمل بطرا أو أشرا لولا حاجتهن واضطرارهن والتي لا يعلم سرها إلا الله. هذه المجموعة من النساء يؤدين عملهن في العراء لا يظلهن إلا شمس جدة في تموز الحارقة وقد أحضرن على حسابهن الخاص مواطير كهرباء صغيرة لتوليد التيار الكهربائي كي يتمكن من تشغيل مكائن التصوير. في لحظة ذهول، سألت هب نفسك أنك تعمل في العراء تحت أشعة شمس حارقة وبجانبك صوت ماطور كهرباء هادر من الساعة الثامنة صباحا حتى الثانية ظهرا في جدة مرتديا زيا أسودا يغطي رأسك حتى أخمص قدميك، وهذا اللون من الزي كما هو معروف معدا أصلا لامتصاص الحرارة بأكثر من الضعف عما تكون عليه حرارة جدة في الصيف. لماذا نضيف لحياة هؤلاء النسوة بؤسا على بؤس؟ ماذا يضير جوازات محافظة جدة لو أعدت مكانا مظللا ومناسبا يقي هؤلاء النسوة من لهيب الشمس الحارقة تحفظ لهن كرامتهن حتى وإن كان هذا بأجر رمزي؟ ماذا لو صار هذا العمل محصورا للنساء السعوديات المحتاجات والمؤهلات ويمنع الأجانب من مضايقتهن بمزاولة هذه المهنة منعا باتا؟ إني على يقين مطلق أنه لو سمع صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة أو صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد محافظ جدة بأنين هؤلاء النسوة وهن يعملن بتلك الظروف المؤلمة لما توانا لحظة بمساعدتهن وتهيئة ظروف عمل أكثر ملائمة لهن. إن ما رأيته عند إدارة جوازات محافظة جوازات جدة وظروف عمل المرأة هناك يعتبر فوضى منفلتة لا تصون إنسانية الإنسان الأساسية، فهذا يعاكس مضمون الأمن ومخاطر أعبائه، فالعدل الاجتماعي يتطلب توفير الرفاهية والمساواة في تحصيل لقمة العيش للجميع سواء كان هذا المحروم رجلا أو امرأة. اللهم سخر لهؤلاء النسوة يد خير وعقل خير يساعدهن بتحسين وضعهن المؤلم الحالي ولنتذكر أن الله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه. العميد المتقاعد- فوزي السعيد