ساعات بالكيلو ..وساعات بالجملة ..وأخرى بالحَبَة الواحدة ..كثيرة وعديدة ..ساعات يد وساعات حائط وساعات جوال ..ساعات بأشكال وصور مختلفة ..وبرغم ذلك لم تُفلح في إقناعنا بالسر وراء سرعتها الفائقة فترانا نقول : يا الله ..لقد جرى الوقت !!يا الله ..ما عندي زمن ..اليوم أحد أم اثنين ؟ ثلاثاء أم أربعاء ؟ ولقد حملني على التفكير في موضوع الوقت الذي لا يكاد يفي بالتزامات الكثيرين منا لسرعة جريانه ربما نتيجة لكثرة الارتباطات والمسؤوليات التي تحُيط بمعظم الناس وبمختلف أعمارهم ومهنهم ووظائفهم ،حتى أنك تشاهد في الفضائيات بعض مقدمي البرامج يقولون : عفواً لقد داهمنا الوقت ..فيصفونه بالمداهم ..تعبير مخيف ومقلق لكنه حقيقي، فهل نحتاج ليوم مدته " " 42 ساعة بدلاً من " " 24 ؟ ! أسئلة عجيبة دارت بخاطري وأنا أتناول فنجان قهوتي المفضلة على هامش صفحات وساحات وأخبار الإنترنت الساخنة والباردة عسى أن أجد لها جواباً، أو أجد ما يدلني على كيفية إدارة الوقت الذي لا أجد أصلا وقتاً لأدير به وقتي . غير أني ما أن جلست في المقهى إلا ورأيت أمامي ساعة حائط كبيرة فقلت بس ..هي ..هي ..الساعة العَجْلَى حاسوب الزمن ..فيا ترى هل الساعة بشير بالقرب أم نذير ببعد وتقادم الزمان وطي سنينه ؟ مَنْ يَركض " وي َطْر ُد " ورائها وبهذه السرعة المخيفة ؟ لدرجة أنك لا تجد إنساناً على هذه البسيطة إلا ويهتم بالوقت ..بل ويضع له قيمة كبيرة في مختلف شؤون حياته ..فهل دقات أجراس بعض الساعات في ساحات وميادين العالم المختلفة تطرق مسامع الناس لتنذرهم بانتهاء تلك الساعة قائلة : أسرعوا فقد بدأتُ العد التنازلي للساعة التالية من يومكم ومن عمر الزمان؟ ! وهل شمس يوم زماننا هذا التي ما أن تُسارع فيه " بالشروق " ونراها بأُم أعيننا تُشرق ببطء ولطف وجمال يبعث على النشاط والتفاؤل بيوم طويل ، إلا ويداهمنا وقت الأصيل إيذاناً بقرب غروبها ..فإذا بنا ننتبه وإذا بتلك الشمس التي كنا رأيناها قبل وقت قريب تُشرق بسكينة، قد مالت عنا إلى الغروب في سرعة وعُجالة من أمرها،فما لها وللعُجالة ؟ !!هل تجاوزت السرعة التي ألفناها ؟ أم تجاوزنا نحن قيمة ومعدل الساعات المحددة بسبب انشغالنا بالعديد من المسؤوليات والأعمال التي لا ينبه بعضنا منها إلا رحيل الشمس وحلول المساء، لينطوى يوم من عمر البشرية ولتواصل العد التنازلي للدقائق والساعات لكون الدقيقة عمر والعمر مجموعها . نسمع كثيراً عن برامج تدريبية تدور حول الدقيقة مثل " مدير الدقيقة الواحدة " و " إدارة الوقت " فهل ستصبح مديراً للدقيقة الواحدة وتعمل على استثمارها استثمارً مناسباً ؟ لأن في مجموع الدقيقة تكون الساعة، وفي مجموع الساعة يكون اليوم ، وفي مجموع اليوم يكون الشهر، وفي مجموع الشهر يكون العام وهكذا ..فالعمر مجموعة من الدقائق المقدَّرة أحصاها الله تعالى في علمه تطويها دقائق وساعات الليل والنهار ..وقد صدق شوقي حيث قال : دقات قلب المرء قائلة له إن الحياة دقائق وثوان فكيف إذاً نُدير الوقت ونستغله في أحسن الأعمال النافعة لنا وللبشرية ؟ وقبل أن أجيب على نفسي على هذا السؤال إذا بصاحب القهوة يقطع عليّ تفكيري في هذا الموضوع ليذكرني بقرب موعد إغلاق المحل للصلاة قائلا في لطف : الساعة كم ؟ لو سمحت ..واسمح لي عزيزي القارئ أن أحيل لك بدوري هذا السؤال الهام : كم الساعة لو سمحت ؟ يوسف اليوسف y_alyousof@yahoo .com