رغم أن كثيراً من السعوديين لا يعرفون بوجود ما يسمى ب "جميعة حماية المستهلك"، ولايشعرون بدور ملموس لها في حماية المجتمع السعودي من ظواهر الغلاء أو الغش، إلا أن ذلك لم يمنع من نشوب صراعات داخلية ساخنة على كرسي الرئاسة، وصلت إلى أروقة القضاء، ومازال الخلاف مشتعلاً بين أعضاء هذه الجمعية، خاصة وأن الدائرة الخامسة في المحكمة الإدارية بمنطقة الرياض لم تحسم قضية رئاستها بعد أن أجّلت النظر في القضية المرفوعة من رئيس جمعية حماية المستهلك (المقال) الدكتور محمد الحمد، والذي طعن في قرار إقالته من رئاسة الجمعية، إلى يوم 24 نوفمبر الجاري. وتباينت حجج المتخاصمين في جمعية حماية المستهلك، حول ضرورة تصديق وزارة التجارة على قرار الإقالة الذي طال الدكتور محمد الحمد، رئيس الجمعية، على خلفية قرار المجلس التنفيذي في الجمعية. تجاوزات ماليةففي حين أكد المحامي محمد السنيدي أن النظام يقول إن وزير التجارة :"لا بد وأن يصدق على قرار التعيين، وبالتالي يملك مصادقة العزل للرئيس ونائبه"، يؤكد الدكتور ناصر آل تويم، نائب رئيس الجمعية أن النظام يعطي الحق للمجلس :"عزل أي عضو من الأعضاء". ودخلت أزمة جمعية حماية المستهلك في السعودية فصلا جديدا من الشد والجذب، نتيجة لإصرار الأطراف المتنازعة على كرسي الرئاسة في الجمعية التي تأسست قبل عامين ونصف، ولكن دون أن يكون لها أي دور في المجتمع للحد من الغلاء والغش التجاري. وبرزت الجمعية على ساحة الأحداث بعد أن قررت المجلس التنفيذي فيها إقالة الرئيس الدكتور حمد الحمد من منصبه وإسقاط العضوية عنه وتعيين نائبة الدكتور ناصر آل تويم رئيسا مكلفا بدلا منه، وهو ما تجاهله الحمد مؤكدا أنه لا يمكن إقالته دون علم صاحب الشأن. وطالب عبر محاميه وزير التجارة والصناعة عبدالله زينل بتشكيل لجنة لكشف الحقائق في هذا الشأن. يشدد الدكتور ناصر آل تويم الذي قاد عملية تنحية الرئيس الدكتور محمد الحمد وتولى منصبه مؤقتا على سلامة موقفهم القانوني وأبدى في حديثة ل "العربية.نت" ثقته من صدور قرار المحكمة الإدارية لصالحهم. وقال :"تأجلت القضية لجلسة أخرى نتوقع أن يتم البت فيها.. ونحن واثقون من موقفنا القانوني ولهذا واثقون من أن الحكم سيكون لصالحنا"، لافتاً إلى أن تنحية الرئيس كانت قراراً جريئا بعد أن استنفذوا معه كل الطرق السلمية. وأضاف "نحن في المجلس قمنا بسابقة يجب أن نشكر عليها، لأننا وضعنا حدا للتجاوزات المالية والنظامية للرئيس بعد أن استنفذنا كل الحلول الودية الممكنة، وهم في المقابل لجأوا للقضاء ونحن سننتظر الحكم القضائي الذي سنحترمه مهما كان ولكن نحن واثقون من موقفنا لأننا نملك الوثائق التي تدعم قرارنا". شكاوى كيديةوتابع:"نحن معتمدون على الفقرة الثامنة التي تقول (يجوز لمجلس الإدارة إقالة الرئيس في حالة مخالفة الرئيس عند عمد سواء المالية أو المعنوية) ونحن نملك الوثائق على مخالفاته المالية والمعنوية". ويحمل الدكتور أل تويم الذي هو أيضا رئيسا للجمعية التعاونية في جامعة الملك سعود مسؤولية ضعف فاعلية الجمعية في الفترة الماضية إلى الرئيس الذي حولها إلى جمعية شكلية، قائلاً "كنا حريصون على أن يشعر المواطن بوجودنا ولكن انحرفت الجمعية عن مسارها إلى أمور شكلية وبرتوكولية ولم تتبن قضايا تهم المواطن بشكل رئيسي ولهذا اتخذنا القرار لتصحيح المسار ونركز على حقوق المستهلك". وفي المقابل رفض الدكتور الحمد الحديث ل"العربية.نت" يؤكد محاميه الدكتور محمد السنيدي على أن قرار المجلس التنفيذي مخالف للأنظمة وغير قانوني، متهماً الجمعية بالمماطلة لا أكثر. وقال ل "العربية.نت" :"حاول محامي الجمعية في جلسة الأربعاء الماضي إطالة أمد التقاضي كي يعلن عن انعقاد الجمعية العمومية ويجري التصويت على الرئيس ونائبه ولكن حتى هذه الإجراءات ستعتبر باطلة لأنها مبنية على باطل، فقرار المجلس التنفيذي بإسقاط عضوية الدكتور العمل باطل". وأضاف "نحن تقدمنا بطلبين، الأول وهو عاجل تعليق نفاذ القرار والثاني النظر فيه وإلغائه مع تعويض د.الحمد ماديا ومعنويا بصفتهم الشخصية والمهنية"، مؤكدا على ضعف موقف المجلس التنفيذي :"هم استندوا إلى المادة الثامنة في إسقاط العضوية عن الرئيس، ولكن فات عليهم أن الرئيس ونائب الرئيس لا يعينون إلا من خلال الجمعية العمومية والتي تضم 128 شخصا". وتابع :"وهم يقولون إنه ألحق ضررا، فمن يحدد هذا الضرر وهل تمت مناقشته والتحقيق معه حول هذا الضرر، ووزارة التجارة لم ترد على أعضاء المجلس عندما طلبوا إسقاط العضوية عن الرئيس، وهم سبق وأن أرسلوا لوزير التجارة يشتكون من مخالفات مالية والرئيس خاطب الدكتور حمد الذي فند كل تلك المزاعم مما أكد للوزير أن شكوى الطرف المناوئ كانت كيدية لأنها لا تحوي على أي دليل وعقدهم لاجتماع المجلس التنفيذي والتصويت على سحب عضوية الرئيس غير شرعية لأن المجلس التنفيذي لا يملك الحق في ذلك لأن المادة الثامنة التي اعتمدوا عليها لا تنطبق على الرئيس ونائب الرئيس". عضوية ساقطةيكشف السندي في حديثة ل "العربية.نت" على أن عضوية نائب الرئيس والمتحدث الرسمي باسم الجمعية باطلة بقوة النظام وليس الرئيس ويقول :"نظاما عضوية الدكتور آل تويم الذي نصب نفسه رئيسا مكلفا سقطت بقوة النظام لأنه وحسب النظام يجب أن يكون الرئيس ونائب الرئيس متفرغين للعمل في الجمعية ولكن نائب الرئيس يعمل حاليا في جامعة الملك سعود بعد أن انتهى عقد إعارته للجمعية منذ شهرين ولم يمدد.. أي أنه نظامي يعمل في جامعة الملك سعود وهو مخالف للنظام. أما المتحدثة الرسمية باسم الجمعية منال الشريف فيسقط النظام عنها عضويتها لكونها لم تسدد رسوم العضوية منذ سنتين مع أنها رسوم رمزية لا تتجاوز 200 ريال فقط". لا تحظى الجمعية بسمعة طيبة في الأوساط السعودية لأنها وطوال سنتين ونصف من تأسيسها لم تقم بشيء يذكر.. حتى إن كثيرا من السعوديين لا يعرفون عن وجودها أصلا. ويشدد العضو المؤسس للجمعية وعضو الاتحاد العربي لحماية المستهلك سامي العثمان في حديثة ل "العربية.نت" أن سياسة الرئيس المقال هي السبب وراء ضعف أداء الجمعية خلال الفترة الماضية، مضيفاً "الرئيس المقال هو المسؤول عن عدم ظهور تأثير الجمعية في الفترة الماضية لأنه ترك القرار مركزيا في يده، وأيضا أعضاء مجلس الإدارة يتحملون جزءا من المسؤولية لأنهم صمتوا طوال سنتين ونصف، وبالتالي لم يشتكوا من هذا الوضع". ويتابع "كان الرئيس يرفض أي مشاريع أو قرارات يحاول المجلس مناقشتها وكان الرئيس يخالف النظام من خلال لقاءاته مع مسؤولين وانتدابات لم يكن له الحق في المشاركة فيها، أكبر دليل على ذلك متابعة مجلة (حماية المستهلك) التي تحتوي على 25 صورة لرئيس مجلس الإدارة، القضية كانت مضحكة وهي مثال بسيط على تلك المخالفات". ويعتقد العثمان أن موقف المجلس التنفيذي أقوى، ويقول :"حسب ما عرض مجلس الإدارة من وثائق دامغة يؤكد أنه كان هناك خلل أثّر على عمل الجمعية في الفترة السابقة، وحسب النظام للمجلس الحق في عزل الرئيس ولكن المشكلة أن نظام الجمعية غير واضح وكل بند له عدة تفاسير وهي لوائح مطاطية". ويؤكد العثمان الذي كان أحد مؤسسي الجمعية وواضعي نظامها الأساسي ولكنه أنسحب اعتراضا على ما وجده من مخالفات فيها". ويتابع :"عندما تسخر الجمعية لخدمة مصالح شخصية من خلال الجمعية فتلك مصيبة، كان المواطنين يأمّلون عليها الكثير ولكنها خذلتهم"، ولا يتوقع العثمان أن تفعل الجمعية الكثير للمستهلك ويقول:"نأمل من المجلس الجديد أن يقدم شيئاً للمواطن ويفعل المشاريع التي عطلها الرئيس السابق على أن يجروا انتخابات حقيقية في الفترة المقبلة". الأفضل إغلاقهايتفق الكاتب في جريدة الوطن السعودي صالح الشحي على أن دور الجمعية كان غائبا، ولكنه يحمل ذلك إلى ضعف مواردها المالية وعدم وجود سلطة تنفيذية لها. ويقول في حديثه ل "العربية.نت" :"ما أجزم به أن رئيس الجمعية رجل جاد ومجتهد ولكنه لا يمتلك أداوت تمكنه من تنفيذ أهداف الجمعية والوفاء بتصريحاته وتحويلها إلى قرارات نافذة، الصراع الحالي في ظل عدم توفر إمكانات وأدوات فاعلة لا يسمن ولا يغني من جوع، سيذهب الحمد ويأتي حمد آخر يدلي فقط بتصريحات". ويشدد الشحي على أنه لا يمكن مطالبة الجمعية الوليدة بما لم تستطع القيام به وزارة التجارة ويقول :"إذا كانت وزارة التجارة بضخامتها لم تستطع أن تخدم المستهلك بشيء ذا قيمة فكيف نطالب بذلك جمعية وليدة. واستغرب من يتحدث عن هدر للموارد فهل للجمعية موارد كي تهدر؟ بل هي مازلت في طور الفكرة، عصب الجمعية الأهم هم الرجال وهي لا تملك منهم ما يمكن أن تنفذ من خلاله خططها وأهدافها وعدد موظفيها يعدون على أصابع اليد الواحدة ولهذا لا يمكن أن ننتظر منهم الكثير". ويتابع :"لا أحد يستطيع أن يقيم الجمعية فهي لم تعمل حتى الآن لأنها لا تملك الإمكانيات التي تمكنها من فعل شيء، لا تملك أصلا أدوات للعمل، أنا طلبت منه الصمت لأنه لا يملك سوى الكلام فقط، فهي لا تمتلك أي صلاحيات لتنفيذ أي قرار يصدره على عكس هيئة الدواء والغذاء التي تملك السلطة للتنفيذ، وإذا استمرت الجمعية دون صلاحيات ودون موارد ودون عاملون فالأفضل إغلاقها". العربية نت