كتب الصحافي الأردني، محمد أبو رمان، الأربعاء 6 أكتوبر 2010، مقالاً في صحيفة "الغد" الأردنية "المستقلّة" (على الرغم من أنّ قرار تأسيسها صدر من الديوان الملكي الأردني!) تحت عنوان: "مفتاح الحل: وساطة سعودية"، يدعو فيه إلى تدخّل سعودي للحؤول دون تفاقم الأزمة بين الأردن وقطر إثر اتهام قناة الجزيرة للأردن بالتشويش على بث مباريات كأس العام الأخير. وناشدَ الكاتب المقرّب من الدوائر الأمنية الأردنية و"مطبخ القرار" في المقال المذكور أن يدخل "طرف ثالث" على خطّ الأزمة بين الأردن وقطر؛ "لإدارة الأزمة واحتواء التطورات باتجاه التهدئة". والطرف هذا، بحسب الكاتب المذكور، هو السعودية. ويبدو أن الخناق بدأ يضيق على السلطات الأردنية إثر إعلان قناة الجزيرة، الثلاثاء 5 أكتوبر 2010، عن أدلة جديدة تثبت تورّط الأردن في القضية التي باتت تُعرف ب"قضية التشويش". ف"عامل الوقت"، بحسب أبو رمان، "مهم في هذه المسألة، وما نأمله أن يلتقط الأشقاء السعوديون ذلك ويساهموا عبر وساطة سريعة باحتواء الأزمة والتوتر". ولوحظ منذ بداية الأزمة بين البلدين، غداة تسريب أدلة فنية نشرتها صحيفة الغارديان البريطانية، أن الصحافة الأردنية التزمت الهدوء واتجهت إلى "ضبط النفس" وعدم الانجرار إلى حرب كلامية مع قطر، وذلك على خلاف ما اعتادت عليه تلك الصحافة في مثل هذه الأزمات، وبالرغم من اتجاه الصحافة القطرية إلى التصعيد. وهذا، بحسب صحافي أردني أجرت معه (عناوين) اتصالاً هاتفياً من عمّان، مؤشر على أن السلطات الأردنية لا ترغب في التصعيد، من جهة، ونوع من الاعتراف الضمني بالمسؤولية عن "قضية التشويش"، من جهة أخرى. ويتوقع مراقبون، في حالة ثبوت التهمة على الأردن، أن يترتّب على ذلك عواقب وخيمة. فقد يكون إيقاف عضوية الأردن في "الفيفا" أولى تلك العواقب، فضلاً عن تلطيخ سمعة الأردن في المحافل الدولية باعتباره دولة مارقة تمارس القرصنة الفضائية، مما يعني دفع تعويضات باهظة لقناة الجزيرة. ولكنّ الأخطر من كل ذلك هو لجوء السلطات القطرية إلى طرد العمالة الأردنية في قطر، وهو ما يُعدّ كارثة حقيقية بالنسبة للأردن. ويُعتقد أن تتفاقم الأزمة بين الدولتين في الساعات المقبلة، بعدما ألمحت صحيفة الشرق القطرية إلى أنّ مسؤولاً أردنياً رفيعاً هو الذي أمر بالتشويش على بثّ مباريات كأس العالم. وترجّح مصادر متقاطعة في الأردن أن يكون المسؤول المذكور هو أيمن الصفدي، المستشار الإعلامي للملك عبد الله الثاني. فإذا عرفنا أنّ الصفدي كان رئيس تحرير صحيفة الغد، وكان بمثابة "الأب الروحي" للكاتب محمد أبو رمان، صاحب المناشدة للسعودية بالتدخّل؛ فهمنا "لغز" تلك المناشدة من كاتب صحافي لدولة بحجم السعودية أن تتدخل في هذه القضية. فالصفدي، والحال هذه، وبواسطة أحد أقرب المقربين له، يريد أن يحمي كرسيه ورأسه (حقيقةً ومجازاً) عبر الطلب إلى أكبر دولة خليجية وصاحبة دالّة كبيرة على قطر أن تطوي الصفحة بأقل الخسائر. ولكن السؤال الجوهري هو: هل يمكن أن تلقي السعودية بثقلها لدى قطر لحماية رؤوسٍ أردنية تقامر بمصير بلدها وقوت مواطنيها. أغلب الظنّ: لا. ..عناوين..