بدأت سلطات الاحتلال الإسرائيلي الثلاثاء تطبيق أمرا عسكريا أصدرته مؤخرا يقضي بإبعاد الآلاف من الفلسطينيين عن الضفة الغربية تحت تهمة "التسلل" التي ابتدعها الاحتلال لكل فلسطيني قدم إلى الضفة من قطاع غزة أو خارج فلسطين ، فيما تعقد جامعة الدول العربية اجتماعا طارئا على مسئوى المندوبين لبحث الأمر. وتسمح هذه الأوامر في بعض الحالات خلال أقل من 72 ساعة لأي "متسلل" لا يحمل تصريحا إسرائيليا كي يقيم في الضفة. وحاولت دولة الاحتلال الدفاع عن قرارها بالقول إن هذه الإجراءات تضفي الصبغة الرسمية على القوانين الموجودة بالفعل على أرض الواقع وأنها اتخذت لأسباب أمنية. اجتماع طارئ من جهتها أعلنت جامعة الدول العربية أنها ستعقد الثلاثاء اجتماعا غير عادي على مستوى المندوبين الدائمين لمناقشة قرار الحكومة الإسرائيلية بطرد آلاف الفلسطينيين من القدسالمحتلة والضفة الغربية. وقال نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية السفير أحمد بن حلي القول إن الأمانة العامة للجامعة دعت إلى عقد هذا الاجتماع لمناقشة كيفية التعامل العربي مع قرار سلطات الاحتلال الاسرائيلي بطرد آلاف الفلسطينيين من الضفة الغربيةوالقدسالشرقيةالمحتلة. ووصف بن حلي قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي بأنه يأتي في إطار سياسة التطهير العرقي التي تتبعها ضد أبناء الشعب الفلسطيني. وأشار إلى أنه سيتم أيضا خلال الاجتماع الاعداد للاجتماع الوزاري القادم للمنتدى العربي الصيني المقرر عقده في بكين يومي 13 و14 مايو القادم. إدانات واسعة وحظي القرار الإسرائيلي بانتقادات فلسطينية وعربية ودولية اسعة ، كما انتقدته جماعات حقوقية وأحزاب داخل إسرائيل. وقال الرئيس السوري إن القرار يمثل سياسة للتطهير العرقي وطالب بضرورة التحرك الفوري على المستويين العربي والدولي لمواجهة هذه السياسة. من جانبه اعتبر الأمين العام لجامة الدول العربية عمرو موسى إن الأمر العسكري يمثل قراراً استراتيجياً اسرائيلياً برفض السلام مع العرب ورفض قيام دولة فلسطينية . كما أعربت الخارجية الفرنسية عن قلقها تجاه القرار، وقال الناطق باسم الوزارة برنار فاليرو في مؤتمر صحفي "ندعو السلطات الاسرائيلية طبقا للقانون الدولي, إلى احترام حرية الفلسطينيين في الإقامة حيث شاءوا في الضفة الغربية والسماح لهم بالتنقل بحرية في الأراضي الفلسطينية". و نددت 10 جماعات حقوقية إسرائيلية بالقرار، وقالت إن هذا الأمر من شانه تعريض كل فلسطيني تقريبا للطرد من الضفة الغربية. وأضافت أن "الغالبية العظمى من الفلسطينيين هناك لم يطلب منهم قط الحصول على تصريح بالإقامة صادر عن إسرائيل". وبحسب راديو "سوا" الأمريكي أبدت الجماعات خشيتها من أن تمكن الصياغة الفضفاضة للأوامر الجيش من طرد عشرات الآلاف من الفلسطينيين وبخاصة المولودين في قطاع غزة وأبناءهم المولودين في الضفة الغربية. كما ندد حزب "التجمع الوطني الديمقراطي" العربي داخل إسرائيل بالقرار الإسرائيلي الجديد ، ودعا كل القوى المعنية إلى "التصدي الفعلي لهذا الانفلات الجنوني للاحتلال الصهيوني". وقال التجمع في بيان له : " إن هذا القرار هو بمثابة استمرار لمخططات التطهير العرقي الذي مارسته الحركة الصهيونية عام 1948 وبعده، وبعد عدوان عام 67 ضد الشعب الفلسطيني والدول العربية المجاورة، بهدف تصفية الوجود السياسي للفلسطينيين والقضية الفلسطينية كقضية تحرر لشعب واقع تحت مشروع احتلالي كولونيالي عنصري". واعتبر التجمع هذا القرار بأنه يكشف مرة أخرى الوجه القبيح لدولة الاحتلال، ويؤكد على الحاجة لمقاومته شعبيًا ودوليًا بلا هوادة. وجاء في البيان أن هذا الانفلات والتمادي من جانب دولة الاحتلال مردّه التساهل الدولي والتعامل بوجهين مع قضية الاحتلال الإسرائيلي وممارساته العدوانية والتي تنتهك يوميًا وعلى مدار الساعة، الأعراف والقيم والمواثيق التي تدعي المؤسسات الدولية تمسكها بها". السلطة تنتقد ومن جانبها ، أدانت السلطة الفلسطينية القرار، وقال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح نبيل شعث إن القرار الإسرائيلي بترحيل عشرات الاف الفلسطينيين من الضفة الغربية هو حلقة جديدة من حلقات التطهير العنصري في ظل نظام الارهاب الذي تمارسه اسرائيل بحق الشعب الفلسطيني. وأضاف شعث في بيان صحفي أن القرار يشمل الفلسطينيين من حملة بطاقات غزةوالقدس ومن يحمل تصريحا لدخول الضفة اضافة الى المتضامنين الاجانب الذين يشاركون في الاحتجاجات ضد الجدار العازل والاستيطان. وتابع أن القرار العسكري يعتبر جميع هؤلاء متسللين مجرمين يستحقون السجن والمحاكمة السريعة والترحيل الفوري. واستطرد شعث قائلا :" هذا الاجراء مكمل لاجراءات الاحتلال بابعاد الفلسطينيين وترحيلهم وتضييق الخناق عليهم بكافة السبل في الاقامة والتنقل والتي بدأت مع الاحتلال الاسرائيلي للارض الفلسطينية واشتدت على مدينة القدس لتعمم على كامل الضفة الغربية لخلق واقع ديموغرافي فيها وتدمير السلطة وجعل الوصول إلى السلام أمرا مستحيلا". ودعا شعث في هذا الصدد المجتمع الدولي إلى التصدي لهذه السياسة الاسرائيلية الجديدة ووقفها ، محذرا من خطورة تنفيذها على الامن والاستقرار في المنطقة . نكبة جديدة بدورها أعلنت حركة حماس الأحد أن القرار العسكري الإسرائيلي يشكل مقدمة "لنكبة فلسطينية جديدة" , وقال بيان ل"حماس" : "يجب أن ننظر ببالغ الخطورة الى قرار جيش الاحتلال الساعي لطرد الفلسطينيين من الضفة بذريعة انهم مسجلون كسكان في قطاع غزة او لانهم دخلوها دون اذن مسبق منه". وأضاف البيان " هذا الاجراء مرفوض جملة وتفصيلا , أبناء شعبنا هم اصحاب الارض واهلها ولهم دوما الحرية والحق في التنقل داخل وطنهم فلسطين". واعتبرت الحركة أن هذا القرار يشكل خطوة جديدة ترمي الى تفريغ الضفة الغربية من الفلسطينيين عبر احياء سياسة التهجير القسري لاستقدام آلاف المستوطنين الجدد لتسمين المستوطنات تمهيدا لضمها الى الكيان الصهيوني المحتل. الأمر الإسرائيلي ومن جانبه، زعم جيش الاحتلال أن الأوامر هي مجرد تعديل على قوانين قائمة بالفعل لضمان أن يكون عمل الجيش خاضعًا لإشراف قضائي أثناء تسليم أي شخص يقيم بصورة غير قانونية في الضفة الغربية. وكانت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية كشفت عما وصفته أمرا عسكريا إسرائيليا سيدخل حيز التنفيذ هذا الاسبوع وسيمكن الجيش الاسرائيلي من ابعاد الالاف من الفلسطينيين عن الضفة الغربية بادعاء أنهم متسللون قدموا إلى الضفة من قطاع غزة أو خارج فلسطين . وأضافت الصحيفة أن الأمر العسكري وقعه قائد قوات جيش الإحتلال الإسرائيلي اللواء جاد شمني في 13 أكتوبر/تشرين الأول من العام 2009 على أن يدخل حيز التنفيذ بعد ستة شهور أي الثلاثاء المقبل. وذكرت "هآرتس " أنه بالاستناد إلى أنشطة وقرارات سلطات الأمن الإسرائيلية خلال السنوات العشر الأخيرة فإنه بالإمكان الاستنتاج أن المجموعة الأولى من الفلسطينيين الذين سيوجه ضدهم الأمر العسكري هم أولئك الذين مكان إقامتهم المسجل في بطاقات هوياتهم هو قطاع غزة، أي مواليد غزة أو أولادهم الذين ولدوا في الضفة. كذلك سيكون ضمن المجموعة الأولى التي يستهدفها الأمر العسكري الفلسطينيون الذين ولدوا في الضفة أو خارج فلسطين ولسبب ما فقدوا مكانتهم في المواطنة أو هم أزواج أجانب لفلسطينيين. ويمكن أيضا أن ينطبق تصنيف المتسلل على الأجنبي بمن في ذلك النشطاء الغربيون الذين ينضمون إلى الفلسطينيين في الاحتجاجات ضد إسرائيل في الضفة الغربية.ويمكن أن يعاقب مخالفو هذه الأوامر بالسجن 7 أعوام على الأقل.