تصاعدت حدة ارتفاع الطلب على حديد سابك وسط فوضى أفرزتها فروقات الأسعار بين حديد سابك ومنتجات الشركات الأخرى، إذ بلغ الفرق وفقاً لمراكز مبيعات الحديد التي وقفت عليها «الاقتصادية» أمس في جدة نحو 800 ريال في الطن الواحد. وشوهدت أعداداً كبيرة من المقاولين ومندوبي شركات البناء والتعمير تقف في طوابير طويلة منذ ساعات الفجر الأولى عند موزعي حديد سابك أملاً في الحصول على أكبر كمية من الحديد تخوفاً من احتمال ارتفاع أسعاره، حيث من المتوقع أن يكسر سعر الطن حاجز ال3500 ريال مستقبلاً (حالياً يبلغ سعر الطن بحسب وزارة التجارة والصناعة في 16 آذار (مارس) الحالي 2245 ريالا مقاس 16 و32 مليمترا سابك، بينما للمقاس نفسه بلغ سعر الطن 2900 ريال في بعض المصانع المحلية). ويفسر مراقبون الارتباك الأخير في سوق الحديد المحلي إلى وجود فجوة كبيرة حالياً بين أسعار «سابك» التي تسيطر على 50 في المائة من حجم السوق المحلية، وأسعار المصانع المحلية الأخرى التي رفعت أسعارها أخيراً بسبب ارتفاع الأسعار العالمية. وأوضح مختصون أن أسعار خامات الحديد عالمياً ارتفعت بنسبة 104 في المائة مع بداية آذار (مارس) الحالي، ثم ارتفعت – تبعا لذلك – أسعار كتل الحديد الصلب المستوردة بنحو 40 في المائة منذ بداية العام الجاري، الأمر الذي انعكس على أسعار المنتج النهائي حديد التسليح. وعلى الرغم من ارتفاع الأسعار العالمية إلا أن «سابك» حاولت الحفاظ على مستويات أسعار الحديد المحلية منخفضة، قابل ذلك رفع المصانع المحلية للأسعار وهو ما أحدث الفجوة في الأسعار، وتوجه معظم المستهلكين – إن لم يكن جميعهم – لشراء حديد سابك الذي لا يغطي سوى 50 في المائة في السوق، الأمر الذي ولد الارتباك الحاصل اليوم وفقاً للمختصين. ويبيّن ل «الاقتصادية» مختص في قطاع الحديد أن عدم التدخل في تسعيرة المصانع المحلية الكبيرة في التكلفة لطن الحديد المنتج، (من الناحية العملية تحتاج مصانع الحديد التي تعتمد على خام الحديد إلى 1.71 خام حديد لإنتاج طن من الحديد الصافي، وبهذه الأسعار العالمية اعتبارا من آذار (مارس) تكون الأسعار النهائية للتكلفة بما يقارب 2550 ريالا للطن وهذه الأسعار الحقيقية لإنتاج الطن تباع دون هامش ربح للمصنعين)، وعدم تركها لمبدأ العرض والطلب أحدث عدم توازن في الأسعار المحلية مقارنة بأسعار المواد الخام العالمية، مشيراً إلى أن استقرار سوق الحديد مرهون بإحداث توازن في الأسعار من خلال احتكام الجميع للعرض والطلب، وإن ارتفاع المادة الخام اعتبارا من 1/3 والتي تدخل في 75 في المائة من إنتاج «سابك» ارتفع 104 في المائة ويعادل هذا الارتفاع بما قيمته 700 ريال. ومعلوم أن الاستهلاك السنوي للسعودية من الحديد في حدود ستة ملايين طن، تغطي «سابك» في 54 في المائة منه، وتغطي بقية المصانع المحلية نحو 45 في المائة من الطلب، والباقي يغطيه الحديد المستورد، وعندما ارتفعت تكاليف خامات الحديد في الأسواق الدولية، ارتفع معها سعر الحديد المستورد، وكذلك ارتفع سعر المنتج من بقية المصانع المحلية بأعلى من سعر سابك>>. ويرى المراقبون أن على الأجهزة الحكومية أن تركز على كل ما يساعد على زيادة العرض من خلال إزالة الرسوم الجمركية على الحديد المستورد، وتيسير الإجراءات الحكومية للمنتجين والمستوردين وحل مشكلاتهم، وتقديم مزيد من الحوافز لتشجيع المنتجين على زيادة الطاقة الإنتاجية المستقبلية بتوسعة خطوط الإنتاج أو دخول منتجين إضافيين. وقال مصدر في شركة عطية للحديد إن حركة بيع وشراء الحديد نشطة في السوق رغم الزيادة الإضافية في طن الحديد ووصوله إلى 2800 ريال ولجوء كثير من شركات البناء إلى اتخاذ قرار بالتوقف عن العمل خلال هذه الفترة إلا أن حركة البيع لم تتأثر. وأضاف «من المتوقع أن يرتفع الطلب على الحديد بمعدل 30 في المائة، ولا سيما في ظل معطيات السوق الحالية، وهناك توقعات بأن ترفع «سابك» من أسعارها في الفترة المقبلة وهي التي تسيطر على أكثر من 50 في المائة من حجم سوق الحديد المحلي، إضافة إلى عدم استقرار السوق وأن احتمالية أن تلامس أسعار طن الحديد 3500 ريال، وتزامن ذلك مع المشاريع الإنشائية التطويرية والحكومية التي تعد ضعف مشاريع العام الماضي». ولفت المصدر – الذي فضل عدم ذكر اسمه – إلى أن كثيراً من شركات البناء والتعمير سواء الكبيرة أو الصغيرة لم تتأثر بالارتفاعات الأخيرة لطن الحديد بعد أن عمد هؤلاء إلى إضافة شرط مخصص في العقود بتسعير المواد الخام وفقاً لسعر السوق في أعقاب الخسائر التي تكبدوها العام الماضي عند ارتفاع أسعار الحديد لمستويات قياسية لامست ستة آلاف ريال للطن. وكشف أن العقوبات التي أقرتها وزارة التجارة أخيراً لن تمنع ظهور السوق السوداء لبيع الحديد نهائياً خصوصاً لصغار الموزعين، مشيراً إلى أنهم يلجأون إلى طرق وأساليب مختلفة للتلاعب في عمليات التخزين من خلال تخزين كميات صغيرة، مضيفاً أن هناك سبباً آخر لنشوء سوق سوداء يتمثل في قيام بعض شركات البناء والمقاولين بشراء كميات كبيرة من الحديد أكثر من حاجتهم وهو ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار مباشرة. وكان وزير التجارة والصناعة قد أصدر قراراً في 16 آذار (مارس) بتحديد عقوبات لكل من يمتنع عن بيع حديد التسليح المصنع محلياً أو المستورد أو يبيعه بزيادة عن الأسعار المحددة والمعلنة على الموقع الرسمي لوزارة التجارة والصناعة على شبكة الإنترنت. وتتولى إثبات المخالفات لجان تشكل من قبل الوزير وترفع محاضر الضبط من وزارة التجارة والصناعة للنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية أو من يراه لإصدار القرار بتوقيع العقوبة. المصدرالاقتصادية ..