أصبح التوجه الجديد من وزارة التربية نحو دمج طلاب الصفوف التمهيدية والأولية مثار قلق وجدل في المجتمع السعودي، الذي لم يألف هذا الأمر من قبل، بل يراه كثيرون سيرا في اتجاه لا يتوافق مع نظام المملكة المستمد من دين الإسلام الخاتم، الذي يحث على غلق أبواب المفاسد، وحيث تنعم البلاد والعباد – بحمد الله - بمزايا فصل البنين عن البنات في مراحل التعليم، وسد أبواب الاختلاط بعامة بين الرجال والنساء. وكان وفد من المشايخ وأولياء الأمور احتشدوا في وقت سابق عند بيت وزير التربية طالبين لقاءه، معربين عن استيائهم من بعض القرارات الأخيرة بالوزارة، مثل دمج الإدارات الرجالية والنسائية، ودمج الصفوف الأولية، والسماح للطلاب السعوديين بالقبول في المدارس الأجنبية، وغيرها من القرارات التي ذكروا أنها تخالف الشريعة وقرارات ولاة الأمر وسياسة التعليم في البلاد، وتؤثر على المسيرة التعليمية والتربوية. على الجانب الآخر ترتفع أصوات قليلة بآراء تحاول أن تزيّن الدمج بحجج واهية لا تكاد تلقى رواجا إلا لدى مردديها. مراسل "إيجاز" في مكةالمكرمة استطلع آراء عدد من المتخصصين والمعلمين في مجال الصفوف الأولية، في مسألة الدمج، وأثرها على البنين والبنات، وكذلك أثرها على خريجي كليات المعلمين، إضافة إلى رأي أكاديمي متخصص، إسهاما في إلقاء الضوء على القضية... حيث وجّه مراسلنا الأسئلة التالية: • هل تؤيد تدريس المعلمات للطلاب الذكور في مرحلة الصفوف الأولية؟ مع ذكر وجهة نظرك إن أمكن. • هل أنت مع هذا القرار الصادر من وزارة التربية والتعليم؟ مع توضيح السبب إن أمكن. • هل تتوقع أن يؤدي تعميم هذا القرار إلى زيادة البطالة عند الشباب السعودي، والإضرار بخريجي كليات المعلمين؟ مع التوضيح إن أمكن. "عبد العزيز العريج" (معلم بوزارة التربية منذ 11 عاما) أعرب عن معارضته للقرار، قائلا: "كل جنس يدرِّس جنسه؛ لأن الميول واضحة؛ حيث نرى طلاب التمهيدي متعلقين بالبنات أكثر من خلال تعويدهم، والبنات لها خصوصيات تخصها عن البنين، وأحد الطلاب شخصيته ضعيفة لأنه وحيدٌ بين البنات في منزله". وتساءل العريج مستنكرا: "المطلب تأسيس جيل، فمتى نؤسس إن ذهبت المرحلة للمعلمات؟!". وأضاف أن ذلك يضر كذلك بخريجي كليات المعلمين، خصوصاً أن خريجيهم يدرسون الابتدائي، وبالدمج تذهب 50% من فرص توظيفهم. الجدار الشائك..! "تركي الحربي" (الذي أمضى 8 سنوات بوزارة التربية في الصفوف الأولية) بدأ بقوله إن الطالب الذكر يحب أن يقلد أباه في كل شيءٍ بصفته قدوة له. وأضاف: السبب في عدم موافقتي لقرار الوزارة، أنه عندما يكون الطفل في مراحل الطفولة المتأخرة، ويريد أن يصبح رجلاً وتظهر عليه كثيرٌ من التصرفات التي تدل على ذلك، فجأة يصطدم بجدار الأنوثة متمثلة في (المعلمة وكذلك الطالبات). وكذلك الطفلة أيضاً، عندما تبدأ في الحياء شيئاً فشيئاً، فجأة تصطدم بجدار الأطفال الذكور، علماً بأن الطفلة عندما تكون في سن التاسعة ويوافق هذا العمر مرحلة الصف الثالث الابتدائي تبدأ علامات البلوغ لديها، ودليل ذلك زواج النبي صلى الله عليه وسلم من عائشة رضي الله عنها في سن التاسعة. وأيضاً عندما يعيد الطالب سنة في كل صف يصبح عمره في الصف الثالث 12 سنة. وحول تأثير "الدمج" على توظيف المعلمين من الرجال أيّد المحمدي رأي العريج السابق، قائلا: نعم بدون شك وبشكل كبير. قصة من الواقع..! أما فواز الحقيبي (له 4 أربع سنوات بالخدمة في الصفوف الأولية) ففاجأ مراسلنا بقصة من الواقع تبيّن الأثر الوخيم لتعليم المعلمات للذكور، قائلا: "أخبرني أحد الزملاء في المرحلة الثانوية - وقد درس في الروضة – أنه لا زال يذكر معلمته التي درسته في الروضة، ويذكر تفاصيل جسمها وحركاتها، وأنها تثير بعض الحركات"! وأضاف الحقيبي: "لا أؤيد، بل أعارض بشدة تدريس المعلمات للطلاب الذكور في مرحلة الصفوف الأولية، وجهة نظري أن الطلاب الذكور قد يتعاملون مع المعلمات بشخصية غير متزنة، وقد ينظرون إلى المعلمات نظرات شهوانية لفارق السن في بعض المدارس، وأيضاً فإن المعلمات لا يجدن حرية التصرف في الأمور التي قد تحصل للطلاب الذكور". وحول تسبب "الدمج" في تعطيل توظيف المعلمين قال الحقيبي: "نعم يؤدي هذا القرار إلى البطالة، وخاصة الشباب السعودي، والعزوف عن دخول الكليات والجامعات، وقد يحبط الشباب من بداية الطريق. الآثار الممتدة..! "لا أؤيد الدمج؛ لأن ذلك له تأثير وقتي الآن، ومع تقدم الأيام يزداد سوءاً" بهذه العبارة بدأ المعلم "عبده صلهبي" (له بالخدمة 3 سنوات في الصفوف الأولية). وتابع: "التأثير الآن على سلوك الطلاب البنين والبنات. والتأثير المتأخر هو تطور الأمور إلى الأسوأ في المراحل المتقدمة من رابع ابتدائي وما فوق". وأضاف: "هذا الأمر لم يرد في سيرة خير البرية محمد صلى الله عليه وسلم، وهذه الدولة تقوم على الشريعة وتتبع منهج النبوة". وحول بطالة المعلمين قال بأسى: " يكفي إلى الآن عدم وجود وظائف لكثير من الخريجين، ومشاكل البطالة كثيرة جداً، ونخشى أن تكون سلبية بهذا الوطن الحبيب". وممن شاركوا برأيهم "عبدالعزيز الشريف" (له بالخدمة 8 سنوات في الصفوف الأولية) حيث قال: "لا أؤيد هذه الفكرة نهائياً؛ درءا للمفسدة وحفاظاً على قيم هذا البلد المبارك ونظامه الموفق". واضاف أنه "ضد قرار تدرس الذكور في مدارس البنات الأهلية؛ لأن فتح هذا الباب يأتي بمفاسد أخرى، ولا نريد خوض تجارب أثبتت عدم جدواها في بلاد أخرى". كما أكد أن هذا الدمج سبب حتمي لزيادة البطالة. لا للجيل المؤنث..! وعلى مائدة التخصص التقت"إيجاز"الدكتور عبدالله بن أحمد الزهراني- الأستاذ المساعد في علم التقويم التربوي والمتخصص في أصول التربية الإسلامية بجامعة أم القرى بمكة – للإفادة برأيه في الموضوع، فقال: "الطفل يبقى7 سنوات في كنف أمه تربيه وتهتم به, لكن بعد السبع سنوات يوجهه الإسلام للاحتكاك مع الرجال عن طريق جماعة المسجد فهو كان في مسيرة 7 سنوات بجوار أمه. بعد هذه المدة من التربية والاهتمام ينتقل لمرحلة الرجولة مع والده والرجال في جماعة المسجد كما كان في عهد المصطفى عليه الصلاة والسلام. والنبي عليه الصلاة والسلام وجه للتفريق في المضاجع بين الإخوة فكيف إذا كان الطرف الآخر امرأة أجنبية. والكويت وأمريكا اشتكيا من هذه التجربة حيث خرج جيل مؤنث! وسُئل الإخوة في الكويت في الثمانينيات عن سر هذا الجيل فقالوا بأن معلماتهم في الابتدائي من النساء"! وأضاف الدكتور الزهراني أن الفترة من 7-14 سنة هي فترة إعداد أخلاقي وسلوكي، والمرأة ليست قدوة صالحة للذكور في هذه الفترة. ووجه نداءه من خلال "إيجاز" للمسؤولين بوزارة التربية والتعليم بأن يتشاوروا مع مشايخنا وعلمائنا بهيئة كبار العلماء والمتخصصين لأخذ القرار الصحيح في تنشئة الطفل. و"إيجاز" بدروها توجه هذه الرسالة إلى المختصين – وفقهم الله – للحفاظ على هوية البلاد، ورغبات أولياء الأمور، التي تلتقي كلها وتتوافق مع ما جاء به الإسلام من خير وفضيلة، ودرء لكل شر ومفسدة. المصدر: صحيفة إيجاز الإلكترونية