يواصل أكثر من 25 ألف معلم في الضفة الغربية إضرابهم عن العمل منذ ما يزيد على شهر بشأن الأجور ومستحقات أخرى في تحرك أثار فوضى في المدارس وسبب اضطرابا للتلاميذ وأولياء الأمور ودفع السلطة الوطنية الفلسطينية لنشر الشرطة العسكرية في شوارع رام الله. وإذا ساورت المسؤولين الفلسطينيين أي شكوك حول كفاءة بعض مدرسيهم فليس عليهم سوى النظر إلى حنان الحروب من بيت لحم وهي المرشحة للفوز بمليون دولار خلال الأيام المقبلة في المنافسة على جائزة أفضل معلم في العالم. وفي ظل المعاناة الاقتصادية بالضفة الغربية والديون التي تثقل كاهل السلطة الفلسطينية والضغط المستمر الذي يسببه الاحتلال الإسرائيلي تراجعت الموارد التي يمكن من خلالها زيادة رواتب المعلمين ما لم يقدم المانحون الدوليون المساعدة. ويحتشد في وسط مدينة رام الله حيث مقر السلطة الفلسطينية آلاف المعلمين منذ العاشر من فبراير شباط الماضي احتجاجا على تدني الرواتب وضعف ما يحصلون عليه من مزايا مالية مقارنة مع موظفي الحكومة الآخرين. ويعد هذا أحد أكثر الإضرابات جدية وأطولها في الأراضي الفلسطينية وبسببه يجلس أكثر من 540 ألف طالب في منازلهم أو يهيمون في الشوارع في وضع يثير استياءهم بعدما أدخل على قلوبهم بعض السعادة في أيامه الأولى. والمعلمون غاضبون ومستاؤون أيضا. ويقول نعيم بوزيه الذي يحمل شهادة الماجيستير في الرياضيات التي يقوم بتدريسها منذ 20 عاما إن راتبه الأساسي مجمد عند 2660 شيقلا (680 دولارا) وهو مبلغ يكفيه بالكاد لإعالة زوجته وعائلته وبينهم ثلاثة أبناء في الجامعة. علاوة على ذلك فإن الموظفين في وزارات أخرى يحصلون على علاوة شهرية قدرها 105 شيقلات في حالة الزواج و60 شيقلا لكل طفل بينما لا يحصل المعلمون إلا على 60 شيقلا عند الزواج و20 شيقلا عن كل طفل. وقال بوزيه لرويترز "إحنا مطالبنا واضحة.. بدنا تحسين رواتبنا ودفع مستحقاتنا إللي على الحكومة ومساواتنا في علاوة الأولاد والزوجة مع الوزارات الثانية لأن المعلم بيأخذ زيادة على الولد 20 شيقلا وعلى الزوجة 60 شيقلا.. في الوزارات الثانية بيأخذوا 60 على الولد و105 على الزوجة. "بدنا فتح الدرجات (الترقيات).. بدنا علاوة طبيعة العمل." واجتمعت الحكومة هذا الأسبوع وعبرت عن أسفها لطول مدة الإضراب والتعطيلات التي سببها في العام الدراسي. واتهمت الحكومة المعلمين برفض المحاولات لحل الأزمة. وفي رسالة مفتوحة إلى الرئيس محمود عباس وجه ممدوح العكر المفوض العام السابق للهيئة المستقلة لحقوق الانسان انتقادات للتعامل الأمني القاسي مع المضربين بما في ذلك وضع نقاط تفتيش واعتقال عدد من المعلمين وقال إنه ينبغي لعباس اتخاذ إجراء حاسم. وقال العكر في مقال بجريدة القدس "لا أحد سواك بقادر وليس في وسيلة لوقف هذا الانزلاق الخطير سوى تدخلك المباشر والمسؤول. أوليست هذه الحكومة حكومة الرئيس أولا وقبل كل شيء؟" ويقول ممثلون عن المعلمين إنهم سيواصلون الإضراب طالما كانت هناك حاجة له وإن نسبة المشاركة فيه تبلغ 90 بالمئة. غير أن الطلاب في 1700 مدرسة يشملها الإضراب بدأوا يشعرون بالضيق هم وأولياء أمورهم. وقال محمد أبو حويج الطالب في الصف العاشر "الإضراب صح وغلط. صح لأن الحكومة لازم تعطي المعلمين حقوقهم وغلط لأننا طول من شهر ما درسنا.. إحنا يا في الشارع يا بندور (نبحث) على شيء نشتغله." ويتجول أبو حويج أغلب الوقت في الشوارع برفقة أصدقائه بحثا عن شيء يفعلونه وقد تسرب إليهم القلق من احتمال إعادة السنة الدراسية. يختلف هذا المشهد كليا عن المستقبل الذي ربما ينتظر حنان الحروب معلمة الصفوف الابتدائية التي نشأت في مخيم للاجئين قرب بيت لحم. ونالت حنان الثناء لتركيزها على تعليم مبادئ مناهضة للعنف وتدريس الأخلاق والاحترام حيث حققت في ذلك نتائج ملفتة. سافرت حنان هذا الأسبوع من الضفة الغربية إلى دبي حيث ستعلن مؤسسة فاركي الخيرية المعنية بشؤون التعليم يوم الأحد المقبل اسم الفائز بجائزتها السنوية لأفضل معلم وقدرها مليون دولار. وتوصف الجائزة بأنها جائزة نوبل في التدريس. ووصلت حنان للتصفية النهائية مع تسعة آخرين بعدما ترشحت ضمن قائمة ضمت ثمانية آلاف معلم من 148 بلدا. وقالت الحروب في فيلم تم إعداده عن عملها "بأحكي لكل معلم فلسطيني أو موجود بأي مكان بالعالم.. وظيفتنا ومهنتنا بالذات مهنة سامية. "العلم والتعليم هو سلاحنا القوي." كلمات حنان تلك قد لا تساعد في وضع نهاية للإضراب لكنها قد تجعلها مليونيرة.