رفضت أحزاب في المعارضة الجزائرية مضمون مشروع التعديل الدستوري، الذي كشفت عنه الرئاسة أمس الثلاثاء، وقالت إنه "مخيب للآمال" و"غير توافقي". وقال رئيس حزب طلائع الحريات علي بن فليس إنه "من المؤسف أن يوظف الدستور من قبل النظام الحاكم لربح الوقت والهروب إلى الأمام في ظل مؤسسات غير شرعية". وتابع في بيان "خسرنا خمس سنوات منذ إطلاق المشروع من أجل السماح للنظام الحاكم بوضع دستوره، وليس دستورا للجمهورية". من جهتها، وصفت حركة مجتمع السلم (أكبر حزب إسلامي في البلاد) التعديل الدستوري الجديد بأنه "غير توافقي وغير إصلاحي"، مؤكدة أنه "لا يعبر إلا عن توجهات رئيس الجمهورية ومن حوله، ولا علاقة له على الإطلاق بما اقترحته الطبقة السياسية بما فيها أحزاب الموالاة". فساد النظام ووفق بيان "مجتمع السلم" فإن "المشكلة السياسية في الجزائر لم تكن يوما في النصوص الدستورية، ولكن في فساد النظام السياسي، وعدم احترام وتطبيق القوانين، والتعامل بالمعايير المزدوجة بين المواطنين". بدوره، رحب حزب "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" (علماني) في بيان له باعتماد "الأمازيغية" لغة ثانية في البلاد، لكنه اعتبر "أن ما جاء به الدستور لن يحل مسألة شرعية المؤسسات ولا يلبي مطالب المعارضة". في السياق، قالت حركة النهضة (إسلامي)، إن "السلطة لا تزال تعتمد نفس مقارباتها المعهودة في منهجية مناقشة وصياغة تعديل الدستور بعيدا عن روح التوافق السياسي الوطني الذي تقتضيه المرحلة الصعبة، والذي روجت له السلطة نفسها من قبل، معتبرة ذلك من صلاحيات رئيس الجمهورية وحده فقط". وتتكتل هذه الأحزاب في تحالف معارض يطلق على نفسه اسم "هيئة التشاور والمتابعة للمعارضة"، التي تطالب منذ تأسيسها في العام 2013 ب"انتقال سلمي للسلطة ورحيل النظام الحاكم حاليا". ولم تعلن أربعة أحزاب معارضة جزائرية عن موقفها من التعديل الدستوري الجديد، وهي "جبهة القوى الاشتراكية" (أقدم حزب معارض في البلاد)، و"العمل"، و"جبهة العدالة والتنمية"، و"الجبهة الوطنية الجزائرية". ومن أهم ما تضمنه مشروع التعديل الدستوري، الذي كشف عنه مدير ديوان الرئاسة، أحمد أويحيى اعتبار "الأمازيغية لغة ثانية في البلاد إلى جانب العربية"، وذلك بعد أن رقاها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى "وطنية" عام 2001. كما جاء في المشروع "السماح بترشح الرئيس لولايتين رئاسيتين فقط، تمتد كل منها لخمسة أعوام، بعد أن كانت مفتوحة، إضافة إلى تأسيس هيئة مستقلة لمراقبة العملية الانتخابية، ويعين رئيس الجمهورية الوزير الأول (رئيس الوزراء) بعد استشارة الأغلبية البرلمانية". في حين ينص الدستور الحالي على أن الرئيس حر في اختيار رئيس الوزراء دون الرجوع إلى الأغلبية البرلمانية. وأكد أويحيى في مؤتمره الصحفي أن مشروع التعديلات يعكس 80% من اقتراحات الطبقة السياسية في مشاورات أجرتها الرئاسة عام 2014 وقاطعتها المعارضة. وأضاف أنه من المنتظر أن يحال المشروع منتصف فبراير/شباط القادم إلى البرلمان للمصادقة عليه، بعد إبداء المحكمة الدستورية رأيها بشأنه. ويعود إطلاق مشروع تعديل الدستور إلى العام 2011 عندما أعلن بوتفليقة "حزمة إصلاحات"، شملت قوانين الانتخابات والأحزاب والجمعيات والإعلام، لمواجهة موجة ثورات الربيع العربي، التي وصفها بأنها "ديمقراطية مستوردة"، معتبرا الجزائر استثناء فيها، وتعهد بأن يكون تعديل الدستور آخر محطة لهذه "الإصلاحات".