- كشفت إحصائية حديثة لمؤسسة النقد العربي السعودي، عن ارتفاع قيمة القروض التي يقدم عليها السعوديون لأهداف استهلاكية، لتقفز إلى 26 ضعفًا خلال السنوات العشر الماضية، متجاوزة حاجز 650 مليار ريال العام الماضي 2014م. وتتنوع القروض الاستهلاكية، بين ترميم وتأثيث وتحسين العقارات، إلى شراء السيارات والأجهزة. إضافة إلى جانب قروض بطاقات الائتمان، وشركات التمويل ومكاتب التقسيط خارج النظام المصرفي. وقال خبراء اقتصاديون إن زيادة الإقبال على القروض الاستهلاكية بالمملكة، أصبحت ظاهرة ملفتة، لا يشوبها أي شك. مؤكدين أن السلوك الاستهلاكي للفرد للسعودي، يتجه نحو تزايد ملحوظ، وذلك في مقابل محدودية ثقافة الادخار والاستثمار. وأرجع الخبراء السبب وراء زيادة القروض الاستهلاكية بالمملكة، إلى ارتفاع أسعار غالبية السلع الاستهلاكية الضرورية، بما يتجاوز أضعاف الأجر الشهري للفرد، دون تحرك لرفع الرواتب، ليكون في مرتبة متوازنة أمام التضخم. وفي السياق ذاته، قال الكاتب الصحفي "عبدالحميد العمري" -عضو جمعية الاقتصاد السعودية- إن الاقبال على القروض الاستهلاكية، ينمو سنويًّا بنسبة تتجاوز 14.3%، لتستقطع نحو 33% من الدخل الشهري للفرد، ما أسفر عن تقليص الدخل المتاح للإنفاق على بقية المتطلبات المعيشية. وأضاف العمري، أن من أهم أسباب زيادة الإقبال على القروض الاستهلاكية بالمملكة، زيادة المتوسط السنوي للتضخم، ليصل إلى ضعف المتوسط السنوي لأجر الفرد، وذلك على الرغم من زيادة الأخير بنسبة 3.1% العام الماضي. وفق "عاجل". وتابع أن ارتفاع أسعار العقارات والإيجارات -والتي تستقطع في الغالب ما بين (45 إلى 65)% من أجر الفرد بالمملكة- إلى 6 أضعاف متوسط الأجر الشهري للفرد، يعدّ من أهم أسباب زيادة الإقبال على القروض الاستهلاكية. وبين أن لهذه العوامل الدور الأقوى وراء اضطرار أغلب الأفراد إلى الاقتراض من البنوك ومؤسسات التمويل ومكاتب التقسيط، من أجل تعويض انخفاض القيمية الحقيقية لأجورهم الشهرية المتدنية أمام الزحف المتصاعد والمتسارع للأسعار. ولفت إلى الآثار السلبية لظاهرة زيادة الاقتراض. مؤكدًا أن زيادة حالات الطلاق والتفكك الأسري، أحد أهم الآثار السلبية للإقبال المتزايد على القروض، خاصة في حالة وجود شابّ أو فتاة عاطلين بالمنزل، في ظل زيادة معدلات البطالة بالمملكة، الأمر الذي يزيد من وطأة وضغط عبء القروض على المواطنين. أما الكاتب الاقتصادي بمجلة "مونيتور" الأمريكية وبصحيفة مكةالمكرمة "عصام الزامل"، فقال: "إن ثقافة الادخار في المجتمع السعودي محدودة، وإن ارتفاع تكاليف المعيشة وعدم ارتفاع مستويات الرواتب بالتوازن أمامها، زاد من تراجع هذه الثقافة. في المقابل، تسهل البنوك القروض الاستهلاكية، وتقدم إغراءات كثيرة لربط عملائها بقروض شخصية". وأضاف الزامل أنه -في أغلب دول العالم خاصة المتقدمة، عادةً ما تكون القروض العقارية هي الأعلى اقبالاً، ولكن بسبب ارتفاع اسعار المساكن والأراضي في السعودية، أصبح الإقراض العقاري محدود جداً، وطغى الاقراض الشخصي الاستهلاكي. وأردف أن تزايد السلوك الاستهلاكي لدى الفرد السعودي ظاهرة واضحة تدعمها الأرقام، لذا فانه لابد من نشر برامج توعية لأرباب الأسر، تستهدف الحد من انتشار هذا السلوك واستبداله بثقافة الادخار والاستثمار.