أزد - سلطان مسلط تروي على عتباتها ما اختزلته ذاكرتها خلال السنين الماضية ، وترسم على جبينها قصصاً مختلفة من تراثها العتيق ، هكذا هي تلك الهجرة النائمة في محافظة بيشة بمنطقة عسير ، التي أبت أن تندثر مكنوناتها وتسلمّها لطيف النسيان ؛ ليهوي بها في أزمنةٍ سحيقة . عاشت سنيناً طويلة تستلهم وفائها وعشقها لقيادتها من " بيرق " الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – طيب الله – ثراه – الذي سلّم شيخ القبيلة بيرقاً ظلّ محفوظاً لأيامنا هذه . هجرة " آل بلقرب " أرض الشهامة والكرم ، ومقرّ الأوفياء ، جعلت من المهرجان الوطني للتراث والثقافة " الجنادرية 29 " وتحديداً في قرية عسير مكاناً لتروي قصصها للأبناء ، عبر قصرها الواقع بأحد أركان القرية حيث شمل على الكثير من الأدوات المعيشية التي كانت عوناً لأبنائها في مصارعة الحياة . فيجد القادم إلى هذه الهجرة المجلس العام الذي يتم فيه استقبال الضيوف وإكرامهم ، ولعل المقتنيات الموجودة فيه والمعلقة بجدرانه قصةً تروى لكل من جاء أبناء هذه الهجرة ، ومن تلك المقتنيات الأسلحة الموجودة على جدران المجلس بمختلف مسمياتها فهنالك ( أم ركبة عصملي – الهطفاء – شرفاء – معشر – صمعاء ميزر – شورن ) بالإضافة إلى السيوف والجنابي والغدارة والرمح والراية : وهي علم تم تسليمه من الملك عبدالعزيز – رحمه الله – إلى آل بلقرب عام 1336 ه تقريباً ، وتعود قصة الراية بحسب سالم الشهراني – مشرف على القرية – إلى مجموعة من أفراد القبيلة في عهد الملك المؤسس ذهبوا إلى نجد لمقابلة الملك عبدالعزيز ، وبايعوه على السمع والطاعة ، وطلبوا منه بيرقاً وأسلحةً وعتاداً ؛ من أجل المشاركة في توحيد المملكة ، فأعطاهم ما طلبوا وأرسل معهم قاضٍ يدعى ( محمد بن جريس ) ؛ ليعلمهم أمور دينهم ، حيث تخرج على يديه الكثير من القضاة من أبناء قرية بلقرب . وشمل متحف بلقرب على غرفةٍ أخرى مستقلة احتوت على زي الرجل قديماً ، حيث عرضت ( الثوب : وهو الرداء الكامل للبدن و المحزم : يتم ربطه حول البطن ، والغترة : فوق الرأس ، والبشت والمعمم : يلف على الرأس ، بالإضافة إلى بعض المستلزمات الأخرى التي لم تكن تفارق الأهالي بطبيعة حال عيشهم كالوسم : أداة حديدية يحمى عليها بالنار ومن ثم تطبع كعلامة على الماشية والشمالة والشداد والمسامة والرحل : يوضع على ظهر البعير ، والمد : الصاع النبوي والميزان ، كما أن المتحف يضم منحوتات مجهولة الزمن والمصدر كبعض الأحجار التي تم نقشها ببعض الرسومات ، وهو ما يدل على قدمها . الحركة التجارية والاقتصادية : لم تكن قرية بلقرب بمنأى عما يدور حولها ، فقد كانت ترسل وفودها التجارية لجلب الأرزاق من خارجها ، ومما يدلل على هذه الحركة التجارية وجود العملات الآسيوية المختلفة في معرضها حيث أن خروج تجار القرية والبطش في الأرض لجلب الرزق من أهم الحركات التجارية للقرية . في موقعٍ آخر من المتحف تزدهر الديوانية بكرم ضيافة أهلها الذين يستقبلون فيها الضيوف بالإضافة إلى المجلس العام ، حيث تحتوي على مقتنيات أخرى كالدلال ومشب النار وقطف القهوة : لحفظ القهوة ، وقطف البهار : لحفظ بهار القهوة كالهيل والعود والعويدي والنخوة والزعفران ، وكذلك المدخن : للعودة . ولعل أبرز ما يلفت نظر القادم إلى الديوانية ( الصينية ) : التي يوضع فيها السمن والعسل والتمر في منتصف الغرفة ، بالإضافة إلى بعض المقتنيات الأخرى كالسعدون : لحفظ الرصاص والجراب : يوضع فيه الحب على ظهر البعير والمحمس : للقهوة ، والصاج : للخبز . وللحياة الزراعية والمعيشية أهمية بالغة في قرية بلقرب ؛ كونها الحرفة الوحيدة للأهالي ، حيث أن المتحف احتوى على أصنافٍ مختلفة من الأدوات الزراعية الخاصة بأهل الهجرة منها : الرحى والعيبة : للتمر والحب ، والشن