اليوم صباح الخميس.. (قبل) أن أدخل أحد الأماكن النسائية؛ وعند البوابة من الخارج رأيتُ -كالمعتاد مؤخرًا- فتاةً شعرها الطويل ظاهرٌ من ورائها! أوشكتُ أن أقول لها جملتي المعتادة "عزيزتي شعرك باين إذا ما كنتي منتبهة!" وقبل أن أنطق.. أزالت الطرحة، ثم أزالت العباءة بأكملها (خارج المكان.. في الشارع.. عند البوابة حيث السيارات تمر واحدة تلو الأخرى)! المعذرة كيف يفسر هذا؟ ما المسوغ المنطقي لفتح العباءة وبينك وبين الباب خمسة أمتار؟ لا شك أن حال التساهل في الحجاب لا يخفى عليكن، لذلك أحب أن أكتب لأخواتي كل فترة "اثبتي". تظنين أن ثباتكِ لا يُحدِث فرقًا؟ بل يُحدِث الكثير. فعلكِ دعوة صامتة، وكثرة التقصير في الحجاب حاليًا لأن كل واحدة تشجعت برؤية فعل غيرها فاقتدت بها! أنتِ كذلك تستطيعين بمراجعتكِ المستمرة لحالك أن تعيني غيركِ على المقاومة، وكذلك تعينين على استيعاب أن ليس الجميع قد سبح مع هذا التيار المختلف عن سيرتنا! والواقع أكبر شاهد على أن ترك غطاء الوجه تلاه شيء آخر، والخصلات العشوائية البريئة تلاها شيء ثاني، ثم الشعر المنسدل من الخلف مع الغرة من الأمام تبعهما ترك مكان فتحة الصدر غير مغلقة..! دون أن يخبرك أحد بهذا التدريج؛ تأمليه بدقّة! ثم لا تسمحي لنفسكِ بهذا التغير اليسير، فكيفما كان حجابكِ احرصي على ألا يتدرجّ للتساهل، بل حاولي أن تدرجيه للأعلى.. حين أراقب -بصمت- هذا التدريج انبهر حقيقةً بدقّة قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۚ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [سورة النور:21] فأثبت الله لنا أن هناك "خطوات". هذا التدريج نحو التساهل.. اعلمي أنه وصل في بعض بقاع الأرض إلى منع الاحتشام أساسًا، وتجريم صاحبته ولو كان بإرادتها التامّة! ألا تخشى الواحدة منا أن تكون سببًا للوصول لهذا؟ فرنسا تُجرّم ارتداء "البوركيني" وهو بوركيني!!!! وقد كانت الأوربيات سابقًا يرتدين تلك الفساتين الطويلة الساترة ذات الأكمام، ثم تدرّج الحال حتى أصبح من المعتاد أن تخرج إحداهن بقطعتين.. أعني قطعتَي الشاطئ! وأعيذكِ بالله أن تكوني سببًا لشيء كهذا! فدعينا ننأى بأنفسنا عن المجاهرة بالمعاصي حتى لا نكون سببًا في استساغتها وتطورها وانتشارها. وكذلك عزيزتي دعينا نردد: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ، رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَّا رَيْبَ فِيهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [سورة آل عمران:8- 9] سبحان الله.. *عجيبٌ كيف أن أدعية القرآن تربط على القلب؟ 15/3/1443ه