✒الحمد لله رب العالمين الذي عرج بنبيه الأمين من غير واسطة وفرض عليه خمس صلوات وجعلها في الأجر خمسين فكانت قرة عيون الموحدين والصلاةوالسلام على نبينا وعلى آله وصحبه أجمعين. إنها لنعمة عظيمة ومنة جسيمة وخصلة حميدة اختص الله بها الرجال على النساء فما أسعدهم بهذه العطية الربانيةوالميزة الإلهية،حيث أوجب عليهم صلاة الجمعة والجماعة ورتب عليها أجورا كريمة،وثمارا عديدة. يقول الله سبحانه:{وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ..}؛فإذا كان الله سبحانه مع يسر شريعته لا يرخص صلاة الجماعة على من كان في خوف فهو في الأمن والسلم من باب أولى. وفي الصحيحين من حديث أبي هريرةرضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلموالذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيُحتطب ثم آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلًا فيصلي بالناس ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار). ولم يحرق بالنار إلا من أتى بخطر عظيم،وهو عدم شهود الجماعة. إذن ، فترك الجماعة أمر عظيم، وشأنه خطير . يشتكي الأئمة في المساجد ، والخطباء في الجمع؛ اليوم من قلة صفوف المصلين مع كثرة المساجد وقربها في بلاد آمنة وسبل ميسرة. فهلًا استشعرتم نعمة الله عليكم،وفيما أمر وأوجب قمتم!! أيها المؤمن إذا علمت أن الصلاة قرة عين نبيك الأمين،«وجعلت قرة عيني في الصلاة» وآخر وصية جعلها للعالمين«الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم»، فهل تهون عليك إقامتها وتؤثر النوم واللهو واللعب عليها!! أتعلم من هم الرجال حقًا؟ إنهم (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة )،(أولئك الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه).. والله لا يصلح حالك ويطمئن بالك،ولا تنجحُ بأعمالك ولا تسعد بحياتك إلا أن تكون ممن حافظ على صلاته، فمن حافظ عليها فهو لما سواها أحفظ ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع،ولم تكن محافظة الرجل على صلاته إذا كان منفردًا،لأنه يعقل أهمية الجماعة. تأمل في حال السلف الصالحين وخذ العبرة من أحوالهم وماكانوا عليه في صلاتهم حيث صلوا خفية وجهارًا عُذبوا، وأكرهوا، وأذلوا ومع هذا لم تكن صلاتهم إلا صلاة الخاشعين وثباتهم ثبات الصابرين المحتسبين المخلصين . فلتقتفِ أثرهم لتفوز بمعيتهم يوم الدين،في جناتٍ على سرر متقابلين منعمين برؤية رب العالمين. أرأيت ابن مسعود-رضي الله عنه- يصلي أمام المشركين ويجهر بالقرآن ويؤذى ويؤثر في وجهه ويقول «ماكان أعداء الله أهون عليَّ منهم الآن ولئن شئتم لأغادينهم بمثلها». أيها المؤمن إذا هان عليك أن تفوت صلاة فضلاً أن تتركها تذكر "المطلب بن أبي وادعة"-رضي الله عنه- لما كان على الشرك وصلى مع رسول الله فلما بلغ السجدة في سورة النجم لم يسجد؛ وبعد أن أسلم يذكرها ويلوم نفسه ويردعها على مافاته في ذلك اليوم ويقول:«ألتزم بعدُ جبرًا لما فات». فأنت كم فاتتك صلاة جمعة أو جماعة وأنت في نعيم،لا يردك عنها سوى النوم الذي لاتُعذر به في كل مرة أو حديث عابر مع شخص لئيم. والله إن الحال اليوم يشتكي كمدًا وحزنًا وأسى ، فإن تجد طفلًا لصلاة الجماعة محافظًا تسعد به وتأنس عن شيخٍ لها مهمل. وأنت تؤدي صلاة الجماعة تذكر بعض ثمراتها الجليلة:- * في السير إليها يُكتب لك أجر ويوضع عنك وزر ففي الحديث... وَما مِن رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فيُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ يَعْمِدُ إلى مَسْجِدٍ مِن هذِه المَسَاجِدِ، إلَّا كَتَبَ اللَّهُ له بكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً، وَيَرْفَعُهُ بهَا دَرَجَةً، وَيَحُطُّ عنْه بهَا سَيِّئَةً). *تعليم الجاهل وحفظ الآي والعدول عن مايقع من الخطأ والنسيان فكم من إنسان لا يقرأ ولا يحفظ وعند شهوده الجماعة حفظ الكثير من السور وأحسن صلاته. *مظنة للخشوع والخضوع فأن تسمع القرآن من أمامك وتتأمل فيزيد إيمانك وتنتفع بصلاتك خير من أن تصلي وحدك. *في ظلال الله، وفي الحديث:«من الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله رجلٌ قلبه معلق بالمساجد». *براءة من النفاق يقول ابن مسعود رضي الله عنه-ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق). *نبذ الإختلاف،وحصول المحبة والائتلاف بين أهل الحي والجيران والتعاون على البر والتقوى. كتبت هذه الكلمات المتواضعة فتاة تصلي وحدها،لا تسمع من بالآيات يعظها، وعندما تنسى لا تجد من يذكرها،وإن كانت على خطأ فلا أحد يعلم صحة صلاتها،لكن تؤمن بأن ربها لم يفرض شيئًا إلا لحكمة قد نعلمها وقد نجهلها، وتذكر إخوانها وأحباءها بنعمة عظيمة لعل الكريم يوزعهم شكرها والحفاظ عليها. أوصي إخوتي المشايخ والدعاة وأهل العلم والفضل إلى مزيدٍ من النصح والبذل في هذا الأمر الجلل. أسأل الله أن يوفق لها قارئا ومستمعا،وأن يجعلهم ممن استفاد وانتفع،وأن يجزي والدي وشيخي وقرة عيني بها خيرًا فما جعلني أكتب بعد توفيق ربي وهدايته إلا هو حينما عظمها وأحبها وحافظ عليها وناصح بها. "والله أعلم وأحكم وصلى الله وسلم وبارك على النبي الأكرم"