درسنا في علم البلاغة مايسمى " بالتورية " أي أن الكلمة لها معنيان ، معنى قريب غير مراد ، ومعنى بعيد ، وهو المراد قال بدر الدين الذهبي : يا عاذلي فيه قل لي إذا بدا كيف أسلو ؟ يمر بي كل وقت وكلما مرّ يحلو* كلمة مَرَّ لها معنيان قريب وهو مأخوذ من المرارة عكس حلو والقرينة لفظيةيحلو*وهذا المعنى غير المراد ومعنى بعيد مراد وهو*المرور*. وهذا ينطبق على مادة كلمة " ف - س - ا - د " فعند نطقها دائما يتبادر إلى الأذهان الفساد المالي ، وهذا فهم سطحي للكلمة ، لم يكن عادلاً ، فهو تفكير أعرج أحول ، غير منصف . بالفساد بمعناه العام خرق وتجاوز وانتهاك القوانين والتشريعات ، ومخالفة معايير السلوك الأخلاقي السوي، من أجل مكاسب مادية أو معنوية بإيعاز فردي أو تحالف شيطاني مرعب ، تعمد إلحاق الأضرار بالآخرين لتصفية حسابات شخصية ، أو نزغات شيطانية تحركها مجاديف الحسد ، وتوجهها سهام الانتقام . فاستغلال المنصب وسلب مقدرات الدولة ببيع العقود ، وترسية المناقصات على شركات دون أخرى بمقابل مادي فساد ، وعدم احترام وتوقير الكببر، وعدم العطف على الصغير ....فساد وعدم بر الوالدين وعدم القيام بحقوقهما ... فساد ، ومحاباة المدراء والرؤساء لبعض الموظفين دون غيرهم فساد ، وعدم إخلاص الموظف وعدم مراقبة الله في عمله فساد . والتعامل السيء مع المراجعين فساد، وتفضيل الأب أو الأم أحد أبنائهما على بعض والتفريق بينهم فساد ، وعدم مساواة المعلم بين طلابه في المعاملة فساد ، وإيذاء الجيران وسوء معاملتهم فساد ، و المماطلة في تسديد الديون والآجارات فساد ، والنميمة بين الناس فساد، والغيبة وأكل لحوم الناس في غيبتهم فساد ، وشهادة الزور فساد ، والعبث في الممتلكات العامة والخاصة فساد ، وعدم التقيد بأنظمة المرور فساد ، ووضع الأذى في الطرقات التي يرتادها الناس فساد ، والإسراف في الطعام والشراب فساد،والمبالغة في المهور فساد ، وإفشاء أسرار الناس وتتبع هفواتهم فساد . الفساد نار محرقة تلتهم الأخضر واليابس ، وقودها الرشوة ، المحسوبية ، المحاباة ، نهب المال العام ، الواسطة ، غسيل الأموال، بها تبقى ناره مضرمة ، وآثاره مدمية ، مالم تطمر منابعه، وتنتزع جدوره من أصولها .