✒ الأخلاق هي صمام أمان المجتمع وتماسكه، وهي الأساس المعنوي لنهضة الأُمم، ومقياس تطورها وتقدمها ورفعة شأنها، ولا توجد نهضه بلا أخلاق، وخلق الستر أعظم خلق في ديننا الإسلامي الحنيف .. نعمة الستر.. نعمة عظيمة، ومنة جسيمة، والستر على البشر صفة الله ولهذا سمى نفسه الستير سبحانه وتعالى، وهو صيغة مبالغة على وزن فعيل، أي أنه شديد الستر على خلقه.*ففي الحديث يقول رسول الاخلاق عليه افضل الصلاة والسلام: (إن الله عزوجل حيي ستير، يحب الحياء والستر)، فلو كشفها الله عنا لافتضحنا، ولما نظر أحدنا إلى وجه أخيه،*ولعمت العداوة والبغضاء بين الخلق أجمعين .. عبارة الستر الجميل استوقفَتْني في نهاية القصة: "لا اذكرك لأنني فتشتكم جميعاً وانا مغمض العينين"، هذا هو الخلق الكريم حيث نستر على العاصي والمنذب وصاحب الخطيئة، لكونهم بشر ويعتريهم النقص والخطأ والنسيان، ولكن بعض البشر يأبى إلا أن يكشف ذلك الستر الجميل، وينزع رداء الستر، فيسقط منه*الحياء .. يقول رجلاً: حضرت حفل زفاف وشاهدت استاذاً لي في المراحل الابتدائية، سلمت على استاذي بكل تقدير واحترام، ولم يعرفني، وقلت للإستاذ هل تتذكرني؟ قال: الأستاذ لا .. قال الرجل كيف لا وانا ذاك الطالب الذي سرق ساعة احد الأطفال في الفصل، وبعد أن بدأ الطالب بالبكاء، طلبت من جميع الطلاب أن يقفوا لتفتيش جيوبنا .. أدركت حينها أن امري سينفضح امام الطلاب والمعلمين وسابقى مكان سخرية واستهزاء الجميع وسينعتوني بالسارق والحرامي وربما ستتحطم شخصيتي إلى الأبد، المهم أنك طلبت من جميع الطلاب الوقوف أمام الحائط ووجوهنا للحائط ونغمض أعيننا تماماً .. ثم اخذت تفتشينا واحداً واحداً، وعندما آتى الدور علي في التفتيش سحبت الساعة من جيبي وواصلت التفتيش إلى أن فتشت آخر طالب، وبعد إن إنتهيت من التفتيش طلبت من الطلاب الجلوس، وانا في خوفٍ ووجل من أن تفضحني امام الطلاب والمعلمين .. لم تذكر من هو السارق واظهرت الساعة واعطيتها للطالب، وطول حياتي الدراسية لم تحدثني ولم تحدث احداً من المعلمين عني وعن سرقتي للساعة.. فهل تذكرتني يا أستاذ ؟؟ قال الاستاذ: لا بالطبع لم أذكرك !! قال الرجل كيف لم تذكرني يا أستاذ، وانا تلميذك وهذه قصتي المؤلمة، فلا يمكن أن تنساها أو تنساني .. قال المدرس: (لا اذكرك لأنني فتشتكم جميعاً وانا مغمض العينين)، إنتهت القصة ولم ينتهي الموقف الجميل من الأستاذ، الذي تعلمنا من القصة خلق الستر الجميل، وهذه هي التربية التي نحتاجها في مدارسنا الحكمة مع تحسب العواقب، يقول والفضيل بن عياض: "المؤمن يستر وينصح والمنافق يهتك الستر ويفضح" .. *ترويقة: يروى أن مَلِكًا فيه عرج وعور، أراد أن تُرسَم صورة له تُخفِي عيوبه، فأرسل إلى الفنَّانين والرسَّامين فأبَوا ذلك، فكيف يرسُمون لوحةً له دون إظهار عيبه الظاهر (العرج والعور)؟ فقام أحد الرسَّامين وقال: "أرسمها لك"، فرسمه وبيده بندقية الصيد، وقد أغمض عينه العوراء، وثنَى قدمه العرجاء، وكأنه مستندٌ لاصطياد هدفه.. هكذا ينبغي أن يكون المسلمُ. *ومضة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ومَن ستَرَ مسلمًا ستَرَه اللهُ يومَ القيامةِ).. فاللهم أدم علينا سترك وعافيتك ...