دارت بيني وبين أحد الأصدقاء محاورة برسائل الجول و أرسل لي رسالة(قصة الثعبان والمنشار) ورددت له بقصة(أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض) وهي قصة متواترة وكل يغني على ليلاه. ساقتني هذه المحادثة أو الحوار إلى كتابة هذا الموضوع والذي يعبر عن قناعتي ولن ألوم أو أعتب أو أتهم من خالفني بل أحترم وجهة نظره وهو بهذا يبادلني نفس الأسلوب والشعور. إذا رحلت يا بُني...فلا تبكي علي، فقد كنت أكتب بلا خوف و لا وجل إلا من الله أو ظلما لبشر أو لمعلومة خاطئة غابت عن عيني وذاكرتي. إذا رحلت يا بُني...فلا تبكي علي ،فنصرة المظلوم و قول الحق أسمى لدي من مركز زائلاً ونعيماَ لن يدوم وثناء زائف أو ثراء فاحش. إذا رحلت يا بُني...فلا تبكي علي ،فقد جابهت شجاعا قويا وجبانا رعديدا و ثعلبا ماكرا و كافرا صلفا و ثعبانا متلونا فلم أخشى إلا الله أو أن أُغدر من خلفي. إذا رحلت يا بُني...فلا تبكي علي ،فقد كنت صريحا وكتابا مفتوحا لأن سجيتي هكذا و ليس لدي ما أُخفيه فأُفضح أو أكتمه فأُثم. إذا رحلت يا بُني...فلا تبكي علي ،فقد أحببت فعل الخير وبذلت جُل جهدي ومالي و وقتي فيه أو لنصرة ضعيف أُنتهكت كرامته أو مظلوما جاروا عليه أو معيناً على نوائب الدهر. إذا رحلت يا بُني...فلا تبكي علي ،فلم أركع إلا لله أو أحب إلا في الله ولم أرضخ لقول أو كلام ظالم أو فاسق أو ناعق خائن أو لجبان ماكر. إذا رحلت يا بُني...فلا تبكي علي ،فقد عملت بجد و ربحت و كسبت وخسرت ولا زلت أُحاول الربح فلم أجد أربح من التمسك بحبل الله المتين وشرعه القويم واتباع رسوله الكريم. إذا رحلت يا بُني...فلا تبكي علي ،فقد صارعت تقلبات الحياة و معتركاتها رغم صعوبة الطريق و قلة المُعين و وعورة الصعود فكن حرا أو عش كالأشجار في سموها وعطاءها و موتها فهي تموت واقفة. إذا رحلت يا بُني...فلا تبكي علي فقد كنت أسدا مع الأسود ولم أقبل أن أكون زعيما للنعاج رغم توفر المواقع و كثرة العروض لكن أُفضل أن أموت وحيدا بشرف وليس جماعة مع النعاج. إذا رحلت يا بٌني...فلا تبكي علي ،فلم أُقبل غير رأس والداي ومن في حكمهما أو ما أحل الله لي و لم أُقبل جبين الغدر والخيانة ومن سرقوا وطني ودمروا مقدراته واستحوذوا على ثرواته ونهبوا مشاريعه ومستخلصاته. إذا رحلت يا بُني...فلا تبكي علي ،فقد عشت بما فيه الكفاية حراً طليقاً ،ولكن تعلّم كيف تكون حرا بمنظارك ونظارتك أنت وليس بمنظار ونظارة غيرك فقد يلونها بما يرى هو وليس بما ترى أنت وكل له مقاس ونظر ونسبة انحراف طبيعي أو خلافه. إذا رحلت يا بٌني...فلا تبكي علي ،فقد تعلّمت كيف أكون كبيرا بما يغيض عدوي ويطفئ نشوة الانتصار، فلا تظهر هزيمتك أمام الأعداء وأضحك فهي تقتل فرحة الانتصار وبهجته. إذا رحلت يا بُني...فلا تبكي علي ،فقد عاشرت الكريم فجاريته و الشجاع فخاويته والقوي فلم أخشاه والجبان فجانبته والخائن فخسرته و النذل فقذرته و التقي فتمسكت به و حاولت ألا أخسره فهو عدة في الدنيا والأخرة. إذا رحلت يا بُني... فلا تبكي علي ،فقد عرفت معادن البشر من عيونها و سلوكهم من نبرات أصواتها, فلا تسمع لكثير الكلام قليل الإحسان كثير الشكوى والأوجاع وكن كتوما للشامت و متحدثا حذرا للطامع ولا تعطي سرك للنساء والسفهاء. إذا رحلت يا بُني...فلا تبكي علي ،بل أدع لي فقد ربيتك صغيرا و سهرت من أجلك و عملت لأن تكبر ويشتد عودك وتصبح رجلا، فتعلم الوفاء فهو عملة نادرة و رد الجميل فهو رصيد لا ينتهي و لو بعد الرحيل. إذا رحلت يا بُبني...فلا تبكي علي فالرحيل نهاية الطريق و خاتمة المشوار و منتهى كل حي، فكن جلدا صبورا محتسبا. مرداس 2020