✒ السعادة حالة وجدانية ليس لها ماهية محددة أو علامات ومؤشرات ثابتة ومشتركة عند الجميع نستطيع من خلالها قياس وجود السعادة من عدمها أو معرفة مقدراها، فهي كما يبدو تحصيل للبهجة والفرح والسرور وهي مفاهيم ربما لا تعرف السعادة بالمعنى الدقيق فهي بذات الوقت تشبه السعادة في الإبهام وعدم القدرة على التحديد والقياس فهي كما السعادة مشاعر نسبية تختلف باختلاف قدرات الفرد وإمكانياته ودوافعه، لكنها في مجملها تعود على الفرد بالخير والمنفعة والراحة والرضا، وهي تختلف من شخص لآخر ومن مجتمع لآخر ويختلف فهمها باختلاف المعايير المادية أو المعنوية. لم يخض الفلاسفة كثيرا في مفهوم السعادة كخوضهم في مفاهيم أخرى فقد عزى أرسطو السعادة إلى كونها هبة إلهية وقسمها إلى النجاح وتحقيق الأهداف والسلامة العقلية والسمعة الحسنة بين الناس والصحة البدنية والثروة وحسن تدبيرها، بينما يرى أفلاطون أن السعادة لا ترتبط بالجوانب المادية فهي معنوية بحتة تتجلى في الأخلاق العالية والطيبة كالحكمة والشجاعة والعدالة، من جانب آخر أهتم علماء النفس بدراسة السعادة من حيث التأثيرات الإيجابية على الفرد الحاصلة من خلال السعادة والعكس مثل حسن الأداء والتفاعل مع المجتمع، كما تطرق إلى الرضا المرافق للنجاح وتحقيق الأهداف وإشباع الرغبات بكونه يدخل في مفهوم السعادة، لكن من الناحية الانفعالية تبقى السعادة هي اعتدال المزاج والانسجام مع النفس. السعادة هي مطلب الجميع فكل إنسان يبحث عن السعادة ويراها من زوايته الخاصة فهناك من يظنها في المال والرفاهية وهناك من يظنها في الجاه والسلطان وهناك من يراها في الزواج وهناك من يراها في السفر وهكذا وكل هذا نجد السعادة فيه لا تكتمل إلا بوجود البيئة الاجتماعية المواتية للشعور بالسعادة فلا معنى لسعادة المال مثلا ومن حولك يعيشون البؤس والفقر ويتضورون جوعا، ولكن قد يحقق المال السعادة بطريقة أخرى فهناك من يستغل هذا المال في سبيل إسعاد الآخرين من خلال تلمس المحتاجين وتخفيف معاناة المرضى وكفالة الإيتام وغيرها وهو سلوك إنساني عظيم ونجده ملموسا في أنحاء العالم وربما في المجتمعات الغربية أكثر من مجتمعاتنا رغم أن هذا السلوك يعد من صميم ديننا فالراحمون يرحمهم الرحمن والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه ومن فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة. وعلى كل فالسعادة الحقيقة تكمن في راحة الضمير وطمأنينة النفس وانشراح الصدر ولن يتحقق هذا إلا بطاعة الله سبحانه وتعالى واتباع أوامره واجتناب نواهيه، مصداقا لقوله عز وجل: (من عمل صالحا من ذكر أوأنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة).صدق الله العظيم.