عبادة عظيمة تقطع ارتباطك بالدنيا وتجردك من معاليقها وتلبسك رداء الغنى بالله والتعلق به وتغني الفقر الذي بداخلك وتخبرك بأنه لاحول ولاقوة لأي مخلوق إلا بالله وأن القوة لله والأمر كله بيده عز وجل. الدعاء هو العبادة فعن النُّعمان بن بَشِير رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الدعاء هو العبادة))، ثم قرأ: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)) فلماذا كان الدعاء عبادة؟ لأن العبد يستسلم لعظمة الله ويتقرب من الله وينقطع انقطاعا كاملا عن مادون الله ويتجه بقلبه وجوارحه نحو مولاه ويذل ويخشع ويرجو ويخضع لله. العبد يأتي لله بكل فقره وحاجته وذله وينطرح بين يديه باكيا شاكيا مقرا بالخطايا سائلا ربه الرحمة* والعتق والغفران وكما قال بعض العلماء تأتي الله بفقرك يأتيك بغناه جل جلاله، تأتيه بضعفك يأتيك بقوته سبحانه، تأتيه مظلوما يأتيك بنصره سبحانه عز وجل. فكيف لاتكون* أعظم عبادة! وهي تحرك القلب نحو الله وتعلقه به وفي الدعاء تظهر فيها النفس بلا حول ولا قوة إلا بالله. وفي الدعاء يظهر ضعف الإنسان وقوة الله واحتياج المخلوق للخالق وأنه لا غنى عن الله ولا ملجأ ولا منجا من الله إلا إليه.. وبما أننا في الشهر العظيم شهر القران والهدى والدعاء والمغفرة فلنجتهد في الدعاء ونلح على الله في المسألة ولننتظر الإجابة ولا نيأس ولا نقنط من رحمة الله وفي الانتظار عبادة وأجر وثواب عظيم.. ومن يريد الإجابة لابد أن يسعى لها ويبذل مايستطيع ليجيب الله دعوته وليري الله من نفسه خير. وليتأدب العبد بأداب الدعاء ومنها.: 1_الإخلاص لله تعالى. 2_أن يبدأ بحمد الله والثناء عليه ثم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. 3_اليقين بالإجابة . 4_الإلحاح في الدعاء. _5 الاستغفار والتوبة. 6 _عدم التعدي في الدعاء وكذلك لايدعي بأثم أو قطيعة رحم. 7 حضور القلب وقت الدعاء فالله لا يستجيب من قلب غافل لاه. 8 ان يكون مأكله ومشربه من حلال. وغير ذلك من الآداب التي يجب ان يتأدب بها العبد قبل الدعاء و الانطراح بين يدي الله . ومن الأدعية العظيمة هي ماوردت عن النبي صلى الله عليه وسلم. حيث أنها جمعت بين الدنيا والاخرة وهي ماتسمى جوامع الدعاء ومنها : اللَّهُمَّ اهْدِنَا فِيمَنْ هَدَيْتَ ، وَعَافِنَا فِيمَنْ عَافَيتَ ، وَتَوَلَّنَا فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ. اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي ، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي, وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي ، وَاجْعَلِ الحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ ، وَاجْعَلِ المَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ العَفْوَ وَالعَافِيَةَ وَالمُعَافَاةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ خَزَائِنُهُ بِيَدِكَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ كُلِّ شَرٍّ خَزَائِنُهُ بِيَدِكَ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ محمد ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا اسْتَعَاذَ بِكَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ محمد. اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنَ الخَيْرِ كُلِّهُ ؛ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الشَّرِّ كُلِّهُ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ. للَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا تَحُولُ بِهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغْنَا بِهِ جَنَّتَكَ ، وَمِنَ اليَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مَصَائِبَ الدُّنْيَا ، اللَّهُمَّ مَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا ، وَأَبْصَارِنَا ، وَقُوَّاتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا ، وَاجْعَلْهُ الوَارِثَ مِنَّا ، وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا ، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا ، وَلا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا وَلا تَجْعَلْ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا ، وَلا مَبْلَغَ عِلْمِنَا ، وَلا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لا يَرْحَمْنَا. اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْألُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ ، وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ ، وَالسَّلامَةَ مِنْ كُلِّ إثْمٍ ، وَالغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرِّ ، وَالفَوْزَ بِالجَنَّةِ ، وَالنَّجَاةَ مِنَ النَّارِ . وغيرها من جوامع الدعاء.. فلا تحرموا أنفسكم من الدعاء في هذا الشهر وأكثروا منه فالله يعطي بلا انتهاء وخزائنه لا تنتهي ولا تنفذ وكرمه عظيم وعطاءه أعظم أن أكرم أجزل في العطاء ولا يرد يدا مدت إليه ويستحيي حياءا يليق به جل جلاله أن يرد عبدا خائبا. لربما دعوة صادقة منك غيرت حالك وأحوالك، لربما دعوة بيقين دعوتها عتقتك من النار وأدخلتك الجنة، لربما دعوة قلتها بخشوع جعلت الله يرضى عنك ويغفر لك ويرفع منزلتك، وكل ماتسأله عز وجل هو عليه هين و ولايعجزه شيء وهو على كل شيء قدير. لا تضع ليلك ونهارك في رمضان ادعوه قائما وقاعدا وأجعل لسانك مستغفرا في كل حين ومسبحا لعلك تفوز فوزا عظيما وكن على يقين بأن الله الذي هلق السموات والأرض وأبدأ الخلق ثم أعاده وأحيا العظام وهي فتات رميم قادر على إجابة سؤالك وتحقيق كل أمانيك. إشراقة: العاجز من عجز عن الدعاء ولم يرفع يديه يطلب ربه من خيري الدنيا والاخرة.