تبدأ الفتنة وتتأجج في الغالب بشخص واحد، وهذا على مر العصور والأزمان وعلى ذلك شواهد كثيرة، ففتنة الخوارج بدأت بذي الخويصرة، وفتنة الجهمية بالجهم بن صفوان، والمعتزلة بدأت بواصل بن عطاء، وفتنة الشام المعاصرة بدأت ببشار الأسد! ولاريب أن الخليج العربي والمنطقة كلها تتعرض لفتنة جديدة، إلا أن يشاء الله فالارهاصات تنبئ بذلك، وكأنها تقول لنا اليوم وليس غدا..كفانا الله شرها. فقد دأبت حكومة قطر منذ مطلع التسعينات على التربص بالسعودية شقيقتها الكبرى وقبلة الإسلام وحامية بلاد الحرمين، وكانت السعودية تعرف الكثير من هذه المؤامرات، غير أنها كانت تعالجها في حينها،وتقبل من حكومة قطر الإلتزامات والمواثيق الموقعة بينهما وإن كانت سرية، رغبة من السعودية في التلاحم والتأزر وعدم تأزيم الأمور، لاسيما أن دول الخليج منظومة واحدة، ورغبة منها في عودة قطر لصوابها بهدوء. إن مشروع قطر وطموحاتها أكبر من إمكاناتها الإقتصادية والإستراتيجية والسكانية والعسكربة، بيد أن صغر مساحتها قد خلق لها عقدة نفسية دلف معها الشياطين والمتربصون الدوائر بأمن الخليج والسعودية.. على وجه الخصوص. فأنشأت قطر قناة الجزيرة ذات الشهرة العالمية والوهج الإعلامي القوي الذي لاينكره أحد، وجعلتها منبراً للثورات والأحزاب والمعارضين لدول العرب ولدول الخليج على وجه الخصوص ! فكانت تمجد بن لادن وتستقطب المحللين السياسيين الذين يتناغمون معها في تصويره بأنه من المنقذين لهذه الأمة، ومجدّت الزرقاوي في العراق والشام وأشادت به، وناصرت جيش النصرة الخارجي في بلاد الشام وتقابلتْ معه عدة مرات وهو متلثما متخفياً. وظنّتْ حكومة قطر أنها ستسود العالم بأسْرِه من الدوحة، حين دفعت الغالي والنفيس لتأجيج ثورات الربيع العربي بفتاوى وهتافات القرضاوي التي تدعو للإنقلابات في بلاد المسلمين، لاسيما حين استلم الأخوان المسلمين الحكم في مصر، والذي لم يُكتب له التوفيق لسوء النيات وفساد الغايات لديهم. غير أن من سوء حظ حكومة قطر أنها جعلت شغلها الشاغل وهدفها الأول هو إثارة القلاقل والتأمر على بلاد الحرمين المملكة العربية السعودية، التي تَعتبر قطر أقرب البلدان والشعوب لها في الجوار والدين والتاريخ واللغة والعادات. ولكن فضح الله أمرها حين عَلِم العالَم أجمع بمكالمات مثير الفتن ورأسها المدبر حمد بن خليفة ووزيره حمد بن جاسم مع الهالك البائس القدافي، ليعدانه بأنها مسألة وقت للحكومة السعودية وتزول تماما، وأنها مسألة وقت ايضاً ..حتى يُصفّى ولي أمرها وقائدهاالملك عبدالله بن عبدالعزيز. والأن وقد تبين خداع قطر وظهر للعيان سوء فعلها المشين وتأمرها على السعودية والخليج والمنطقة بأسرها، وتبين دعمها للحوثي الذي يهدد آمن السعودية والخليج، ودعمها للحشد الشعبي الفارسي الذي غايته قتل أهل السنة في أي مكان،وبإعتراف العبادي نفسه. وقد ظهر للناس علانية، أنها الذراع المالي والإعلامي للأخوان المسلمين الذين لم يأتوا بخير منذ مايقارب قرناً من الزمان... فهم الذين استضافتهم المملكة وحمت رقابهم من جمال عبدالناصر ولازال بعض ذراريهم في السعودية، وتكفلت بدفع ديون مصر ليطلق سجناءهم من السجون ويلغي أحكام الإعدام عليهم فرفض عبدالناصر ذلك.... وبعد هذا كله خرجوا في مظاهرات حاشدة في بلدانهم... وقوفاً مع صدام لاحتلاله الكويت، وكانت مظاهرات حزب الإصلاح في اليمن تندد ( حرر حرر ياصدام حفر الباطن والدمام) وقد تناسوا كل ما قدمته السعودية لهم وعضوا الايادي التي قدمتْ لهم العون والخير والأمان....! والأن تأتي حكومة قطر لترعاهم ولتدافع عنهم وتتخذهم لها سنداً وعوناً وتعتبر أردوغان أميرها، ولا أظنه إلا (خميني أهل السنّة القادم) وترى قطرُ أن الأب الروحي والمفتي لها هو القرضاوي الذي يعتبر أن حكام المسلمين علمانيون كفار يجب الخروج عليهم، كما في كتابه( أمتنابين قرنين) ويعتبر أن الخميني هو القائدالمسلم المؤمن الذي وحّد المسلمين ! بعد هذا كله ...لم يعد للصبر سبيل فقد بلغ السيل الزبى وطفح الكيل وليس من الحكمة الصبر على قطر والصفح عنها أبداً، فلابد من العقاب والتأديب، فقطر جزء من الخليج ودولِه، شاءت حكومة قطر أم آبت فالشعب القطري شعبٌ عربي خليجي سني المعتقد لاينفك عن منظومته الخليجة البتة،ولاشك أنه المتضرر الأول من أفعال تميم وعصابته! وأصبح من البديهي جداً أن حكومة قطر غدت خنجرا مسموما في خاصرة الخليج وحكوماته، بعد أن أعلنت قطر وبكل صراحة وعلى لسان أميرها تميم أن علاقات قطربإيران علاقات قوية ومتميزة،وهو الذي هنأ روحاني وبارك له، بفوزه في الإنتخابات، وهو يعلم أن إيران العدو الحقيقي للسعودية خاصة والخليج كافة.. وأنها راعية الإرهاب في كل مكان. وهاهي قطر اليوم تؤجج وتستفز أشقاءها عناداً ونكاية في السعودية ودول الخليج ومصرواليمن، فتستدعي قواتاً تركية على أرضها وترتب مع الحرس الجمهوري الإيراني ماتظن أنه سيحميها من أشقائها وشعبها الذي لن يصمت ولن يقبل إيران وتركيا على أرضه أبدا! وحتى لاتكون فتنة خليجية عمياء، تأكل الأخضر واليابس، وحتى لايظهر علينا في خليجنا الآمن... بشارٌ خليجي أخر فإن الحزم والعزم السعودي الخليجي هما اللذان سيحسمان هذا الخطر المتوقع الداهم والقادم.... إن لم تَعد حكومة قطر لرشدها ولحضنها الخليجي سريعاً ودون تأخير....! رافع علي الشهري