في رحاب جامعة الدمام بالمنطقة الشرقية ؛ نظمت كلية الآداب متمثلة في قسم الدراسات الإسلامية مؤتمر بعنوان (الإسلام والسلام) تشرفت بحضوره وتأتي أهميته في توضيح صورة الإسلام وحقيقته ، وكونه دين عالمي شمولي ، يدعو للسلام والتسامح والتعايش مع الآخرين ؛ وإشاعة الحب والأمن في كافة نواحي الحياة. وقد دعي لهذا المؤتمر جمهرة من العلماء والمفكرين من جميع أنحاء العالم الإسلامي ، بلغ عددهم أكثر من (130) باحثاً يمثلون (21) دولة. وكان للمؤتمر عدة أهداف من أبرزها: 1 – التأكيد على أن الإسلام دين سلام ، وأنه يشمل السلام الروحي والنفسي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي وفي كل أوجه الحياة ومناحيها. 2- بيان أن السلام في الإسلام ليس خاصاً بالمسلمين فقط ؛ بل إنه يشمل كل من عاش في كنف أرض انتشر فيها هذا الدين. 3- إثبات أن الإسلام باعتباره دين سلام ، يتحول إلى صيغة حياة ونمط وجود ، به يتقوَّم العمران ويصلح المعاش والمعاد وتتحقّق سعادة الدارين. 4- دراسة الدين الإسلامي والفكر الإسلامي دراسة معمقة لإبراز أنه دين سلام ، وتصحيح الأفكار الخاطئة والصور النمطية المتصلة بالتكفير والعنف والإرهاب ونقضها بالأدلة القطعية. 5- التركيز على ما في هذا الدين الحنيف من قيم ومفاهيم إنسانية خالدة كالحب والطهارة الروحية والتعاون والتكافل والتراحم ، وهي قيم لا تقتصر على المسلمين فقط بل تتعداهم إلى غير المسلمين. 6- السعي إلى تبيين رأي الإسلام فيما أستجد من قضايا عالمية معاصرة ، والمساهمة في النهوض بالإنسانية جمعاء عبر السلام الذي يبثه الإسلام . وقد سعى المؤتمر للنهوض بهذه الأهداف السامية من خلال عدة محاور: الأول:الإسلام والسّلام الإنساني ويشمل(منهج الإسلام في تأصيل السلام العالمي ؛ قيم والإخاء والتكافل والتراحم بين البشرية في الإسلام). الثاني:الإسلام والسلام الفكري ويشمل(الدعوة إلى التفكر والتدبر من أجل تحقيق السلام ، الإسلام والجدل السلمي مع غير المسلمين ، الإسلام وحرية الفكر والمعتقد). الثالث:الإسلام والسلام الاجتماعي ويشمل(السلام الأسري في الإسلام ؛ الحقوق والواجبات الفردية والجماعية والسلام في الإسلام ، العلاقات الاجتماعية والسلام الاجتماعي). الرابع:الإسلام والسلام الاقتصادي ويشمل(الاقتصاد الإسلامي والسلام العالمي ،الاقتصاد الإسلامي والحلول المقترحة لأزمات الاقتصاد العالمي ؛ التنمية الإسلامية والتحديات الاقتصادية المهددة للسلام). الخامس:الإسلام والسلام السياسي ويشمل(العدل السياسي في الإسلام ،موقف الإسلام من الشقاق والنزاع والخلافات السياسية ، موقف الإسلام من الإرهاب). السادس:الإسلام والسلام البيئي ويشمل(البيئة في الإسلام والسلام الإقليمي والدولي ؛ المنهج الإسلامي في حماية البيئة والمحافظة عليها ، المشاكل البيئية كالاحتباس الحراري والتلوث والأوبئة والكوارث وحلولها من منظور إسلامي). وأقيمت أمسية شعرية ضمن فعاليات المؤتمر للشاعر الدكتور/عبدالرحمن بن صالح العشماوي ذكر فيها عدداً من قصائده والتي كان من أبرزها قصيدته التي كتبها بخطه وأهداها إلى قسم الدراسات الإسلامية وكلية الآداب بجامعة الدمام ؛ وإلى كلَّ من كان له دور في إقامة مؤتمر "الإسلام والسلام" وكانت بعنوان (هو الإسلام) من ضمنها يقول: من الإسلامِ ينبثق السلام ويُبْنَى من مبادئه النّظامُ وتشربُ نوره الصافي قلوبٌ وينهل من مكارمهِ الكِرامُ هو الإسلامُ مَنْهَجُهُ سَلامٌ على الدنيا؛وَمَنْطِقُهُ سَلاَمُ هو الإسلامُ فَيْضٌ من يقينٍ تطيب به النُّفُوسُ ولا تُضَامُ هو الإسلامُ يمنحنا كنوزاً من التقوى إذا كَثُرَ الحُطامُ ولقد ذكر السلام ومشتقاته في القران الكريم في مائة وثمان وثلاثين آية ، والقران كله سلام لأنه نور وهداية للبشرية ، ممن آمن به واتبع هداه ، والمسلمون دعاة إسلام وسلام ، والمسلم لا يكون مسلماً حقاً إلا إذا كان على الوصف لفظاً ومعنى وعملاً كما يقول الرسول صلى الله عليه وسلمالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده). وعليه يتضح لنا بأنه لا سلام في الحياة حقيقة إلا بالإسلام ، فإنه دين الرحمة والسلام. وقد أوصى المؤتمر في ختام فعالياته بعدة توصيات أذكر منها ما يلي: أولا:ترجمة ما يعرض في المؤتمرات من أبحاث وأوراق تظهر سماحة الإسلام وأنه دين سلام وسمو ورسالة. ثانياً:إنشاء معاهد ومراكز متخصصة لنشر ثقافة السلام وتقديم الجوائز للأعمال الفائزة والمبدعين. ثالثاً:تشكيل مجلس إسلامي للتحاور والتشاور والتقارب بين المسلمين أنفسهم وفض النزاعات. رابعاً:التشجيع بإنشاء الكراسي العلمية المتخصصة فيما يعرف بثقافة الإسلام وتمويلها في جامعات الدول غير الإسلامية لإظهار الجانب السلمي للدين الإسلامي. خامساً:توجيه أنظار المجالس التربوية والتعليمية إلى دور الحوار في تحقيق السلم ، وتعميق القيم التطبيقية في عملية التربية والتعليم بمراحلها المختلفة. سادساً:ترسيخ مفهوم السلام الاجتماعي والتعايش السلمي بين المواطنين وتطبيقاته والعمل على رفع آلياته في مواجهة أزمات المجتمع عن طريق التوجيه والعدل والمساواة والشورى والشفافية والحكم الرشيد. سابعاً:وضع منهج متكامل في موضوعات العدل السياسي والاجتماعي والأسري والثقافي مع التوسع في تدريس هذه الجوانب. ثامناً:العمل على إقامة وحدة اقتصادية إسلامية تقوم على منهج القران الكريم في الاقتصاد. تاسعاً:تضمين المناهج العلمية والتعليمية موضوعات تدعو إلى الاهتمام والمحافظة على البيئة. عاشراً:دعم المبادرات الداعية إلى الحوار والبناء ، كمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في الحوار بين الحضارات. وأخيراً أثمن لجامعة الدمام هذا الجهد المبارك ممثلة في كلية الآداب قسم الدراسات الإسلامية على تنظيم هذا المؤتمر والخروج بهذه التوصيات وآمل المبادرة بتفعيلها ونشرها والقيام بإعداد بعض الندوات العلمية التي تخدم جوانب الإسلام والسلام. حرر في يوم الأربعاء 26 جمادى الأولى 1433ه *** بقلم/خالد بن محمد الأنصاري عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية وعضو الجمعية السعودية للدراسات الدعوية