الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على لا نبي بعده ، أما بعد : فيُعد المهرجان الوطني للتراث والثقافة في الجنادرية واحدًا من أبرز المهرجانات التُراثية الثقافية التي تُعنى بإحياء التراث وإنماء الثقافة في بلادنا ، والعناية بالفنون الإبداعية المختلفة لأبناء الوطن من خلال ما يُقدّم في فعالياته المختلفة من النشاطات الفكرية والثقافية المتنوعة التي يُشارك فيها العلماء ، والدعاة ، والمفكرون ، والأُدباء ، والمثقفون ، والمؤرخون ، والشعراء ، والإعلاميون ، والحرفيون ، والفنانون ، وغيرهم من المهتمين في المجالات والميادين الأُخرى . ولأن لهذا المهرجان العديد من الإيجابيات التي يمكن استخلاصها والحديث عنها ؛ فإن مما تجدر الإشارة إليه في هذا الشأن تلك الدلالات التربوية التي يُمكن أن نستخلصها والتي يأتي من أبرزها ما يلي : = أن هذا المهرجان تظاهرةٌ ثقافيةٌ اجتماعيةٌ دوريةٌ لم تقف عند حدود الاهتمام بالصناعات المحلية ، والمهن والحرف اليدوية ، والأهازيج الشعبية وما في حُكمها من النشاطات والاهتمامات التُراثية ؛ وإنما امتد اهتمامه إلى مد جسور التواصل الثقافي الواعي مع الآخر من خلال فتح أبواب التواصل الثقافي والمعرفي والحضاري ، والإفادة الإيجابية من التجارب الناجحة للأُمم الأُخرى . = أن هذا المهرجان يُسهم بشكلٍ فاعلٍ ومباشرٍ في نشر ثقافة الوعي بأهمية التُراث الثقافي لبلادنا ، وضرورة المحافظة عليه ، وتعريف الأجيال به ، والاعتزاز بكل ما فيه من القيم التربوية السامية ، ورعايته بمختلف الأشكال والصور الممكنة التي تحفظ له التألق والإبداع . = أن هذا المهرجان يُسهم بشكلٍ كبيرٍ وفاعلٍ ومؤثرٍ في غرس مبدأ حُب الوطن ، وتنمية الوحدة الوطنية الإيمانية التي تُرفرف - بفضل الله تعالى - على أجزاء وطننا الغالي ، عندما نرى أن هذا المهرجان يحتضن في كل عامٍ تلك الأنواع المختلفة على كثرتها ، ويُعنى بالنماذج المتعددة من أنماط الثقافة المحلية ، وألوان التراث الشعبي الممتدة من شمال الوطن إلى جنوبه ، ومن شرقه إلى غربه في مكانٍ واحدٍ ، وصورةٍ وطنيةٍ جماعيةٍ رائعةٍ تمزج بين تلك الألوان وتؤلف بينها ، وتُقدمها بشكلٍ حضاريٍ متألق . = أن هذا المهرجان يحرص على التواصل الثقافي والحضاري مع الآخر من خلال توسيع دائرة الاستضافة لضيوف المهرجان من مختلف الدول العربية الشقيقة ، وبعض الدول الصديقة من مختلف قارات العالم ، وفي ذلك غرسٌ لمبدأ التعايش السلمي مع الآخر ، وتربيةٌ على فكرة قبول الآخر والإفادة مما لديه من الإيجابيات ، إضافةً إلى إتاحة الفرصة له ليرى عن كثب ما لدينا من التراث المجيد الذي نفخر ونعتز به ، إلى جانب العديد من معطيات التقدم الحضاري المنشود . = أن هذا المهرجان يعمل على توسيع آفاق الأبعاد الفكرية والتنموية والحضارية المعاصرة من خلال تقديم عددٍ من النماذج والتجارب الحضارية الدولية التي تتم استضافتها منذ خمس سنواتٍ ك ( ضيف الشرف ) للمهرجان ، والتي عادة ما تكون من الدول الصديقة التي تُقدِّم في هذا المهرجان عروضًا متنوعةً لتاريخها ونماذج من ثقافاتها وتُراثها وواقعها ولمحةً عن آفاق تطلعاتها المستقبلية . وبعد ، فليس هذا هو كل ما في مهرجان الجنادرية من الدلالات التربوية ، ولكن المثل العربي يقول : ( يكفي من القلادة ما أحاط بالعُنق ) ، وعلى هذا فإنني آمل أن تُتاح لي الفرصة لتناول هذا الموضوع واستكماله - بإذن الله تعالى - لاحقًا ، والله الهادي إلى سواء السبيل . أستاذ التربية الإسلامية المُشارك في كلية التربية بجامعة الملك خالد E.mail:[email protected] =-=-=