مخطئ من ينظر للأمر بتهاون سطحي أو بتبسيط مبالغ فيه , ويدعي أن الأمة كلها تهب هذه الهبة لمجرد تغريدة من عدة أسطر ملقاة على موقع من مواقع التواصل الاجتماعي . ومخطئ من يقول أن الكاتب المتطاول على الرسول صلى الله عليه وسلم – على شدة وفداحة ما كتب - لم يقصد ما فُهم من كلامه , أو أن نيته كانت حسنة وخانته الألفاظ فقط , ومخطئ كذلك من يريد أن يمرر هذا الأمر مهونا إياه مظهرا الشفقة على صاحبه , ويريد أن يمر الحدث بلا حساب ولا معاقبة وبلا وقفة جادة وحازمة لتشعر من أخطأ بحجم خطئه وتمنع غيره من تقليده والسير على نهجه . فلم تكن الكلمات التي كتبها هذا الكاتب الصحفي على صفحته الخاصة على تويتر مجرد خواطر ليس لها ما قبلها , بل إن هذه المرة فقط تم تسليط الضوء على كتاباته , ففضح الله أمره , وتتبع الناس أقواله قبلها , فإذا بها تطفح بكلمات تخرجه من الدين - إن اعتقدها - , وظهرت منها بعض أفكاره المارقة التي بثها للناس على صفحته والتي عبرت عن آرائه في الدين والكون والإله والنبي صلى الله عليه وسلم والعبادات الإسلامية . ولاشك أن الجميع قد قرأ أقوال هذا الدعي والتي يتجرأ فيها على مقام النبي صلى الله عليه وسلم , فوجه له كلمات في ذكرى مولده لا يتصور صدورها من إنسان عرفه أو قرأ عنه أو سار على هديه أو أدرك في يوم من الأيام قيمته , فضلا عن إنسان يدعي إتباعه له , ويزيد على ذلك فيدعي محبته له صلى الله عليه وسلم حينما يبرر ويقول أن ما كتبه في هذه السطور كتبه بدافع الحب للنبي صلى الله عليه وسلم !!. والتعدي على مقام النبوة عظيم لاشك , ولا يقبله الله سبحانه وتعالى الذي أمر المؤمنين بغض أصواتهم في حضرة حبيبه صلى الله عليه وسلم وأمرهم ألا يجعلوا نداءهم عليه وحديثهم له كندائهم على أقرانهم أو كحديثهم مع أصحابهم , فأمرهم بتوقيره وتمييزه عن كل العلاقات غيره . ولكن هذا الدعي قد تجاوز كل الحدود حينما تحدث عن الله سبحانه بما لا يصح ولا يليق ولا يستطيع مسلم أن يتفوه به , فطفح كلامه على الله سبحانه بتجاوزات تحتاج من العلماء وقفة معها , حيث لا يمكن أن تمر وكأنها ما قيلت , فقد فضحه هجومه على الصادق المصدوق فظهر ما هو أشد وأعظم من ذلك بتجرئه على رب البشر سبحانه . فالكاذب يتساءل عن وجود الله حقا وهل هو موجود أم لا ويفترض وجوده جدلا, ويتحدث عنه سبحانه متهكما باعتباره شيئ فيقول " لكل المخلوقات ردة فعل , ولكن ما اسم ذلك الشيء العظيم الذي يشاهد كل هذا الخراب والدمار والأذى ولا يكون له أدنى ردة فعل , بم يصح أن نسميه ؟ " وترد عليه خبيثة مثله – اجتمعا على مرض القلب وسوء العمل - فتسب الله سبحانه وتصفه بوصف قبيح وتقول – حاش لله – " جبان " أي أنه يشاهد الدمار ولا يثور فتنعته بذلك , فلا يثور ذلك المجترئ الكذاب على قولها , ولكنه يعقب بقوله " أو غير موجود " , فالخبيثة تسبه والخبيث ينفي وجوده . ثم يكرر وينكر وجود الله تماما , وأنه سبحانه غير موجود إلا في عقل البشر فقط وأوهامهم , ويكرر ما قاله الشيوعيون الملحدون حينما اعتبروا أن الإله خرافة من صنع الإنسان , فيقول عليه من ربه ما يستحقه " إن كل الآلهة الضخمة التي نعبدها , كل المخاوف العظيمة التي نرهبها , كل الرغبات التي ننتظرها بشغف , ليست إلا من خلق عقولنا " . وقضية وجود الله لا تزال عنده موضع شك ولا يستطيع الجزم بوجوده لأنه لم يره أو يسمعه أو يكلمه فيقول : " لا يستطيع الجزم إلا شخص رآه أو سمعه أو كلمه , وجزمه - لو كان – ليس ملزما لغيره " , وبهذا لا يمكن إثبات وجود الله لهذا الدعي الكذاب لأنه لا يوجد بيننا من رآه أو سمعه أو كلمه , وبافتراض جدلي– لو كان – فلن يؤمن بوجوده أيضا وله يصدقه في جزمه هذا ولن يتابعه على قوله . ويتمثل بإبليس لعنة الله عليه سيده ومولاه ورفيق دربه في الدنيا والآخرة - إن لم يتب لربه ويعود – , فيتمثل به ويعتبره أستاذا وقائدا وزعيما ملهِما وإماما , فيرسل للشيطان رسالة عبر تويتر ويطمئنه أنه ليس وحده في الدنيا بل هناك أبالسة آخرون من بني البشر يسيرون على درب شيطانهم الأكبر , فيقول " ليس وحيدا .. ذلك الذي رفض الله توبته فتولى وأرعد في الناس : ثوروا على الذل , لا تركعوا لسواكم ولو كان ملَكا أو إلها حديدا " . وفي الوقت الذي ويحط من قدر صاحب أعظم قدر من للبشر صلى الله عليه وسلم يعظم الكافرين الفساق الفجرة ويعظم أقوالهم الكفرية ويتخذ جانبهم فيقول " نيتشه قال مرة أن قدرة الإله على البقاء ستكون محدودة لولا وجود الحمقى .. ماذا سيقول لو رأى الهيئة ؟ " . ويتجرا على شعائر الإسلام كذلك إذ يصف الصلاة بوصف خبيث منتقص من قدرها , وذلك حينما ذكر مناقش له أن : روحه تطهر بالصلاة والموسيقى لا تحقق له ذلك , فرد عليه الخبيث قائلا " الصلاة ليست فعلا عقلانيا " , وبالتالي يفهم محدثه وسامعه وقارئ كلماته انه لا يستريح في الصلاة ولا يعتبرها فعلا عقلانيا والموسيقى عنده تريح روحه أكثر منها . والجزاء عنده دنيوي فحسب - كما عند اليهود والنصارى – فلا يذكر الجنة ولا النار , بل كما يفترض جدلا وجود الله يفترض أيضا وجود ثوابه وعقابه – كافتراض جدلي فقط - , ثم يقول كلمات تشتم منها رائحة الكتب المحرفة التي يسمونها بالعهدين القديم والجديد : " كونوا جيدين فحسب , لا تؤذوا أحدا , فإن ثواب الخير هو الخير ذاته ولو افترضنا وجود الله فإنه سيجعلكم على عينه على الدوام ما دمتم جيدين " !!!! . سب النبي صلى الله عليه وسلم جريمة كبري , وكبيرة يعاقب صاحبها بالقتل حدا , ولكن الأمر أكبر من سب النبي صلى الله عليه وسلم , فالأمر كفر وإيمان , والأمر أكبر من اعتذاره وحذفه لتدويناته على تويتر , فما خرج من لسانه وكتبته يداه قد كتب في ميزان الأعمال , وأخرجت مغارف الألسنة ما في القلوب , وصدق الله العظيم إذ يقول " وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ " . فالأقوال التي كتبها لا تعبر عن وجود مسلم أساء التعبير ولا مؤمن خانته ألفاظه , بل هناك ما هو أكبر منها , تطاول على الذات الإلهية وإنكار لوجوده سبحانه , وتهكم عليه وسبه – تعالى الله علوا كبيرا – على الملأ بين أقران السوء في البلد التي تتشرف بكونها مهبط الوحي ومهاجر النبي ومأواه ومستقره في الدنيا . فلا ينبغي للعلماء أن يقفوا عن استعظامهم الشديد لما قاله في حق النبي صلى الله عليه وسلم فحسب – ومعهم كل الحق – فالمؤمن يصدم بتلك الكلمات ويتصورها أعظم الجرائم , لكنه يكتشف بعد فترة أو بعض غوص أن هناك كبائر اشد بل هناك أقوال كفرية تحتاج لاستتابة أو إقامة حد يطبق فيه شرع الله في أمثال أصحاب تلك الأقوال والكتابات .