الليبرالية ليست خصمنا المفضل الأحد 28, فبراير 2010 نعم أنا أقصد تحديدا هذا العنوان، فليس العنوان بالتأكيد كمينا، أعتقد -أولاً- أننا نضع الليبرالية في مكان لا يليق بها في سلم المقاومة للآخر المختلف مع حضارتنا،ونعطيها أولوية مجحفة في مدافعتنا، لا تتناسب وإملاءات الموقف. ونظلمها -ثانيا- حين نلقي بزبالتنا الثقافية في فنائها، ثم نزعم أنهم جزء منها. كثير من كتاب الأعمدة في صحافتنا ينتشون طربا بهذا اللقب الذي تم منحهم إياه مجانا، ورفعناهم به من حضيض الهباء الثقافي إلى أن يكون لهم كينونة فكرية لا يستحقونها. المختلفون مع الشريعة في نسيجنا الثقافي- باعتراف كبار المفكرين- مسخ عبثي فاقد للهوية أشبه ما يكون بالخواء، من المفيد له أن يستند بقامته الواهنة إلى جدار الليبرالية العميق في التاريخ والعصر. ثم إن حضارتنا تتقاطع مع الليبرالية في ثمراتها النهائية مرات عديدة بغض النظر عن الأصول التي تنتج هذه الثمرات، ولها - أي الليبرالية- طبيعة مسالمة لا تبرر سلوكنا الاستفزازي لها، قيم العدل والحرية والمساواة وتساوي الفرص وكرامة الإنسان وحقوقه ومقاومة الاستبداد والظلم هي عناوين شرعية أيضا بغض النظر عن التطبيقات المشوهة. لقد حيا رسول الله صلى الله عليه وسلم النجاشي بقيمة واحدة وهي قداسة العدل في نظامه الحاكم. إن من العدل الذي هو قيمة من قيم ديننا ، أن لا نقبل – رغم الشنآن- تشويه الليبرالية بهذه الطفيليات التي تعلق بوجهها. وواجبنا التاريخي كأمة مسلمة جعلها الله شاهدة على الناس، أن لا نقبل بهذا التزييف، وألا يصنع المخالف أجندة صراعاتنا، ولا تحديد مرامي سهامنا، وجغرافية وزمان معاركنا الفكرية كثير من المختلفين معنا لهم قضية مباشرة مع الشريعة، فكرتهم أقرب إلى أن تكون اللاشريعة، فالمشترك المضطرد الوحيد في كل مايكتبون احتقان مزمن ضد الفكر الإسلامي، وكتاباتهم خليط من كل شيء حتى من الفقه الإسلامي، ولكن المشترك هو مقاومة الوجود الشرعي بكليته في حضارتنا أرى – من وجهة نظري فحسب- أنه يجب الفصل بين الليبرالية وما يفعله بعض كتابنا، يجب أن يكون لدينا وعي كامل بالليبرالية، وموقف واضح منها، وعزل لبكتيريا الغثاء الإعلامي عنها، وذكاء يحرسنا من الانزلاق لمعارك وهمية مع الليبرالية، حتى لا تصل رسائل سلبية إلى عقول المتابعين أننا ضد قيم تحبها البشر بفطرتها وربما يكون من المناسب إعادة مصطلح المنافقين للتداول في سوق الأوراق الثقافية، والتوقف عن تعليقه،وإعادة توظيفه في المعادلة الحوارية بطريقة مناسبة، لنقد الظواهر - دون الأشخاص- لأنه بالتأكيد ، هو المصطلح القادر على استيعاب تناقضات القوم، والقادر على توحيد جهود المقاومة.