عن «الأسعار» أحدثكم! علي القاسمي قد لا يعتبر مقنعاً الحديث عن ارتفاع المشروبات الغازية في غمضة عين، لأن هناك من يرى أنه حديث هامشي لحياة اجتماعية متوازنة، وربما يعتبر المقال سطحياً في الفكرة والمضمون، لكنه مدخل مباشر وقريب للحقيقة القائلة إن وزارة التجارة تتعامل بسطحية مع أي ارتفاع لأسعار سلع، سواء كانت في عداد الترف المعيشي أو من المتطلبات الأساسية لسد الأفواه، على رغم أن الأسعار تقع ضمن حدود مسؤوليتها على صعيد الارتفاع، لأنه لم يحدث أن كان هناك انخفاض على الإطلاق، حتى تصبح المعادلة موزونة ومقبولة المبررات، لنشعر أن الحياة متقلبة لا «مرتفعة»، هناك من يتلاعب ويرفع ويغير السعر والسلعة من دون أن يوقفه أحد أو يَظهَر كرسي رسمي فيقترب - صوتاً - من المستهلك الضعيف، ويتحدث ويبرر ويوضح ويكشف لماذا تسير الأسعار باستحالة عودة للخلف؟ وكأن سرعة السير لا تستهدف مفاصل الأسر المعيشية، ولا يعدو كون الزيادة طارئاً بسيطاً أو رقماًً هامشياً يستقطع بالممارسة، في ظل أن القفز غير مغرٍ في الشكل حين يبدأ بنصف ريال إلى ما يحدده التجار، ليضخم حساباتهم البنكية المتضخمة أصلاً. الغلاء يعرف طريقه مع ما يدمنه المجتمع، وأسالوا الأرز الفتنة السعودية الأولى، حين أقلع بأسعاره من دون وقت انتظار أو تدرج في الارتفاع، وأخيراً أتت المشروبات الغازية التي ليست بالبعيدة، فهي الأخت الصغرى للفتنة السابقة ومتلازمتان بشكل مباشر، لكن بفارق أنها صديقة الوجبات، على اختلاف أنواعها، وبين الفتنتين كثير مما صمت عنه مجتمع يثق أن هناك من يتساءل من الوزارات ذات العلاقة أو الهيئات المتقاطعة مع كل حدث! لست مع حملات الشبكة العنكبوتية للمقاطعة والاستغناء عن أي سلعة كبرى كانت أم صغرى، لاعتقادي التام بأن هذا شأن شخصي بحت، ومسألة خاصة تعتمد على ترتيب أولويات المعيشة، والاستمتاع بتجريد الجيوب بطريقة متوسطة بين إغراء المنتج وضحالة الزيادة، من دون الحاجة إلى إجراء عمليات حسابية تقصم الظهر في المجمل، لكن أتكلم بصوت المقهورين الذين يختلفون في بوصلة اتجاه الريال الواحد وخط صرفه. أعود لوزارة التجارة، تلك التي حضرت - إلى ما قبل إعداد المقال - بموقف المتفرج، وإن لاحت بوادر منها في الأيام السابقة بتدخلها لإيقاف زيادة الأسعار لحين درس وقراءة مبررات المنتجين، ولكن البوادر ماتت ولم يعد هناك تلويح بشيء حتى ولو بعلامة رضا واضحة للحاصل، فقد تُحرك العلامة معدلات الصبر ومعها تغسل اليدين بالمفهوم الشعبي الدارج، حول قدرة الجهات ذات العلاقة من التعامل مع ما يطرأ من استغلال وجشع وزيادة على الأسعار، تهضم المواطن البسيط وتضيق عليه الخناق، لا نريد من الوزارة أمراً خارقاً للعادة ولا خطاً هاتفياً مباشراً يستقبل الشكاوى والملاحظات، لأنه قد يكون مشغولاً طوال اليوم بخدمة مشتكين آخرين، نريد متحدثاً رسمياً وناطقاً إعلامياً ليحضر متى ما كانت هناك ضوضاء، وحاجة ماسة لإجابة صريحة وتبريرات منطقية تضع المواطن في منطقة متوازنة لمراجعة أوراقه وحساباته لا الاستسلام لقرارات فردية وتصرفات عشوائية من تجار لم يجدوا عيناً حمراء تقف لهم ولتصرفاتهم. الصرامة والتعاطي مع أزماتنا الاقتصادية المحلية بصراحة أمران منتظران ولكي يلتقي المواطن المغلوب على أمره مع الزيادة بألم متواصل مجرد من الأمل، ولأنه استغنى عن الأمل فقد يستغني عن «التاء المربوطة» في اسم الوزارة، ويعتبرها زائدة من وَجَع الزيادات الذي التحف حياته بلا صدى! [email protected] [1