تجار جدة... «حُب» من طرف واحد علي القاسمي يقطع - السؤال وحده - مسافة طويلة ومدة زمنية كافية، قبل أن تتحرك معه الإجابة الواجبة المفروضة، ومع شرعية ومنطقية السؤال في التوقيت الأكثر إيلاماً، لا يتمنى كائنٌ من كان أن تعود تداعيات السؤال بمآسيها وأحوالها وظروفها، ولكن السؤال بذاته «مثار طرح» لا «وجبة صمت»! أين تجار جدة من مشهد مدينتهم الفاتنة الساحرة - بنظرهم - قبل الثامن من شهر ذي الحجة؟ هل هم حقاً يحبونها ويضحون من أجلها؟ أم هي التي ضحت بنقاء وصفاء قلبها وجودة نبضها وأهلكت أطرافها بالحب المُفرَد؟ هل كانت الحقيقة تقول إن الحب يتكئ على أن تكون العروس كاملة مكتملة، لا تحتمل طراوة حبها أن تتعرض لألم أو قسوة أو جشع وفساد؟ الحب من طرف واحد نقي مخلص يقابله حب مشروط من بعض أهلها الذين احتضنتهم واحتوتهم ذات فقر وجوع. الحدث الإنساني المروع وأهله ينطقان بأنه ليس هناك أقسى من ألم إنسان بفقد إنسان مثله، ولا أكثر وجعاً من الاستيقاظ في ثوانٍ معدودة على حياة مطموسة المعالم بدائية العيش. التجار صامتون متفرجون، وما أكثر المشاهدين، وربما المستغلون لسوء الظروف لتقف بين حدين: فزعة الرجال، ونزعة عشق المال. قد يمتد السؤال لأبعد من جدة حين نحذف المعني الأساس بالألم: «جدة»، ونضع «أل» التعريف على مفردة «تجار»؛ فما حدث للعروس يمثل وطناً بأكمله، والحاجة ملحة للمساهمة وانصهار الأرواح والجيوب لأشقاء هناك، وإلى انطلاقة السؤال العاجل من منطلق «الأقربون أولى بالمعروف»! ما يحتاجه المتضررون والمتألمون لا يتجاوز سكناً بسيطاً ولقمة متواضعة، شربة ماء في أقل الأحوال، كزكاة لمال، وشعوراً إنسانياً صادقاً هذا مكانه المناسب، ليُوقف - ما أمكن - تقاطر الدموع، ويضع الجروح في مأمن للتشافي لا التشفي، والتعافي لا التغاضي. غاب تجار جدة إلى الآن عن كامل المشهد المؤثر، إلا من «رقم عابر» لا يكاد يذكر، ود وهم الذين بحثوا عن أصوات تقف معهم في حمى انتخابات ماضية، وعدوهم لحظتها بكل شيء، ثقة منهم أن العروس لا تمرض أو تتعب، ولم يسبق لها أن مرت بهكذا حالتين، وهذا بعينه نكران للجميل وقسوة على العروس الفاتنة، قسوة متناهية على القلب والروح والأرض والهواء، نسي سريعاً كل هؤلاء التجار أن من التقت بهم السيول كانوا زبائن بضائعهم، وهم من ضاعفوا الأرصدة وزادوا الحسابات بلا خوض في التفاصيل، حين قفزوا وصدقوا العرض والطلب، وتركوا للجيوب معنى لأن تتضخم، لكنهم ينتظرون ولمرة واحدة فقط أن يكون لقلوب الجيوب صدى. ما زلت موقناً به أن حب تجار جدة «لجدة» حب من طرف واحد مظلوم، أسميه حب مصلحة أو حب مال، يأتي من أحضان العروس، قد تكون التسمية حارة جداً، لكن برود المشاعر وضعف التفاعل يجعلان الحب بهذا السيناريو ظالماً، يتطلب أن تُكْشَف معه الصورة الدقيقة للطرف العاشق، إلى أن يثبت عكس الكلام، والأيام شواهد. [email protected] [1]