إقترب المنتخب الأسباني بطل أوروبا من كتابة تاريخ جديد وبات في المشهد الأخير للمنافسة على لقب نهائيات كأس العالم جنوب أفريقيا 2010 FIFA حين تأهل عن جدارة وإستحقاق للمباراة النهاية لمنازلة القمة أمام هولندا، ذلك بعد أن هزم المنتخب الألماني بهدف وحيد في مباراة الدور نصف النهائي الثانية والتي جرت بينهما على ملعب ديربان في ذات المدينة. فوز المنتخب الأسباني جاء بفضل رأسيه مدافعه الخبير كارليس بويول الذي ترجم ركنية تشابي في المرمى (73) ليمنح فريقه وبلاده أحقية البحث عن اللقب الذي لطالما بحثت عنه منذ تواجدها في الدور النهائي في بطولة البرازيل العام (1950). ظهرت نوايا المنتخب الأسباني الهجومية بوقت مبكر من اللقاء عندما "شرخ" بيدرو الدفاع من العمق وسمح لفيا بمواجهة الحارس نوير الذي أحسن الخروج لتضييق الخناق عليه وإبطال فرصة هدف مبكر (6). بسط "الماتادور" نفوذه على منطقة العمليات الهامة بفضل منظومته المعتادة والتي يعول عليها دل بوسكي دائما، بتواجد تشابي أمام ألونسو وبوسكيتس فيما ينضم إليهم إنييستا الذي يتخذ من الأطراف منطلقا له كما يفعل بيدرو القادم الجديد للتشكيل الرئيسي. ما ساعد على هذه السيطرة الأسبانية التقدم المتواصل من الظهيرين كابديفيلا وسيرجيو راموس من جهة، والتقوقع الدفاعي الذي إعتمد عليه يواكيم لوف في المواجهة، حين طلب من مدافعيه عدم ترك المساحات في الخط الأخير، ودعم ذلك بلاعبي الارتكاز شفاينشتايجر وخضيرة، وهو ما فعله بودولسكي وأوزيل وتروشوفسكي بالعودة إلى خط المنتصف. وفق هذه المعطيات سارت الأمور على ذات المجريات، إذ كانت الكرة تستمر لأطول وقت بين أقدام الأسبان بحثا عن منفذ لتهديد مرمى نوير، ومحاولات الضغط الألمانية لعدم منحهم هذه الفرص. كان سلاح التمريرات القصيرة السلاح الذي عوّل عليه المنتخب الأسباني، فمررت ركنية قصيرة إلى إنييستا فعكسها مناسبة على حدود منطقة المرمى لعبها المتقدم بويول برأسه لتمر فوق العارضة وهو على مسافة قصيرة من الشباك (14). بعد ذلك تقلصت فرص الوصول المباشر ومضت الكرة أغلب الوقت في وسط الميدان بين أقدام تشابي وألونسو إنييستا، في الوقت ذاته كان "المانشافت" يتحيّن الفرصة لنسج ما تيسر من هجمات، حيث عانى لفترة طويلة من نقص الكثافة العددية، حيث ترك كلوزة وحيدا بين "كماشة" بويول وبيكيه وحرم بودولسكي من الحرية في التحرك وهو ما كان على أوزيل، ولم يظهر الألمان في مناطق كاسياس إلا بأوقات متقطعة ونادرة عبر عرضيات عالية وركنيات لم تثمر. إنتظر الألمان دخول الربع الأخير من الأحداث للتمكن من تهديد مرمى كاسياس، حيث وجدت إحدى الهجمات المرتدة عددا كافيا لنسج كرة مناسبة إستلمها ترشوفسكي وتقدم قليلا قبل أن يسدد الكرة أرضية أبعدها كاسياس للركنية (32). ومرت الدقائق الأخيرة دون شيء يذكر باستثناء لحظات ما قبل الصافرة التي أبطل فيها راموس أنطلاقة أوزيل نحو مواجهة كاسياس (44) ثم ختم بيدرو الشوط بتسديدة أرضية سيطر عليها نوير بحضور (45). لم تختلف النوايا الأسبانية في الشوط الثاني، بل تصاعدت وتيرتها بشكل أكبر مع الدقائق الأولى حين وضع مرمى نوير تحت التهديد المباشر، إذ سدد ألونسو مرتين من خارج منطقة الجزاء، المرة الأولى بعد مجهود جماعي من بيدرو فسدد بجوار المرمى (47)، ثم أبتعها بالثانية مرت بمحاذاة القائم الأيمن بقليل (49). وجدد فيا تهديد المرمى من تسديدة أرضية إثر عمل جماعي قاده تشابي لكن كرته أخطأت هدفها ومرت بجوار القائم أيضا (55). وجاءت أغلى الفرص الأسبانية عندما نسج لاعبو الوسط عملا جماعيا متكررا فتهيأت الكرة على قوس منطقة الجزاء فسددها بيدرو أرضية عذبت الحارس نوير الذي ردها بالكاد لينقض عليها بيدرو ويعيدها إلى ألونسو الذي مررها لإنييستا إخترق منطقة الجزاء ومرر كرة سريعة لم تصلها قدم فيا وهو على باب المرمى (58). تحرك لوف بعد ذلك ودعم صفوف فريقه مشركا يانسن وكروس بعد أن وجد ضعف الفاعلية الهجومية من الطرفين، وبد هذا الضغط بدأت "المانشافت" بتلمس الطريق نحو منطقة جزاء كاسياس، وكاد من أول فرصة حقيقة في المباراة أن يهز الشباك، عندما إستلم بودولسكي الكرة داخل المنطقة وعكسها خلف الدفاع سددها كروس ليردها كاسياس للركنية (69). وجه "الماتادور" ضربته "القاتلة" بعد ذلك عندما رفع تشابي ركنية متقنة على نقطة الجزاء إترقى لها بويول قبل الدفاع ليسددها برأسه ويهز بها شباك نوير الذي عجز عن ردها معلنة هدف أسبانيا (73). تخلى الألمان عن أي حذروإندفعوا للهجوم بحثا عن التعديل، وبدأ لام ويانسن يتقدمان للأمام، وعزز لوف الهجوم بمشاركة ماريو جوميز، ولكن الإندفاع الألماني بدا أشبه بحال "الغريق الذي لا يخشى البلل"، حيث ظهر ذلك بسرعة عندما إستلم بيدور الكرة وسط الملعب وتقدم وحيدا ليواجه ميرتساكر وبدلا من التمرير إلى البديل فرناندو توريس الخالي من الرقابة "أصرّ" على المراوغة ليعود فريدريخ الذي أبطل فرصة هدف ثان (82). ومرت الدقائق الأخيرة وسط بحث ألماني عن التعديل بارسال الكرات العالية داخل منطقة الجزاء لتجد تكاتفا دفاعيا منقطع النظير من الأسبان الذين أمسكوا بالفوز وأحقية التأهل حتى أعلن ذلك بصافرة النهاية.