”يقضي ابني عطلة نهاية الأسبوع كلها في اللعب مع أصحابه على الإنترنت من دون استراحة، هل هذا إدمان للإنترنت؟”. تتلقى السيدة جوردون ستول مثل هذا السؤال وغيره من الأسئلة المماثلة بشكل شبه يومي في مركز “أبديت” بالعاصمة الألمانية برلين للوقاية من إدمان الكمبيوتر. وتقول ستول عن مشروع الوقاية من إدمان الإنترنت الذي أطلقه المركز “إن قلق الآباء على أبنائهم كبير للغاية ومن أسباب ذلك قلة معلوماتهم عن عالم الإنترنت”. وتؤكد أن حل هذه المعضلة هو تقرب الآباء من أبنائهم ومعرفة المزيد عما يفعلونه، والاهتمام أكثر بما يصنعونه أثناء جلوسهم على الكمبيوتر”. وتتبنى ستول شعار “المزيد من المعرفة، المزيد من الاهتمام، المزيد من الوقاية” لمكافحة إدمان الأطفال للإنترنت. وهو الشعار نفسه الذي سترفعه في المؤتمر الثالث عن “إدمان وسائل الإعلام” الذي سيعقد اليوم في برلين ويستمر لمدة يومين. وسيتبادل فيه خبراء من أنحاء ألمانيا الأفكار والاقتراحات حول إدمان الإنترنت. ولا توجد بيانات دقيقة عن عدد الأطفال الذين يدمنون وسائل الإعلام في ألمانيا، ومن بين أسباب ذلك عدم اعتراف منظمة الصحة العالمية بإدمان الإنترنت كخلل في السلوك وعدم تناولها له بالبحث. ويقول تيو فيسيل المدير التنفيذي لرابطة المراكز الألمانية للمساعدة ضد الإدمان التي تنظم المؤتمر بالتعاون مع جامعة كولونيا إن “الدراسات الحالية تشير إلى أن 3 إلى 6% من الألمان يصنفون ضمن مدمني وسائل الإعلام”. وأضاف أن هذه النسبة “تعادل تقريباً عدد مدمني لعب القمار من البالغين”. وأشار فيسيل إلى أن “الأطفال الأصغر سناً، أكثر عرضة للإصابة بالإدمان”. وتذهب بعض التقديرات إلى أن 98% من الشباب بين سن 12 إلى 19 عاماً يتصفحون الإنترنت ويستخدمونها في التواصل بينهم، ويستخدم الجزء الأكبر من هؤلاء الإنترنت بالقدر الطبيعي. ولكن الآباء يتساءلون دائماً “ما هو القدر الطبيعي؟”. لذا، يوجد في أنحاء ألمانيا برامج لمكافحة إدمان الأطفال والشباب للإنترنت والكمبيوتر بشكل عام. وهي لا تستهدف التلاميذ والمربين فقط بل الآباء بشكل خاص. وذلك لأن الكثير ممن في سن ال45 عاماً فما فوق غير ملمين بالكثير من تفاصيل عالم الشبكة العالمية والعالم الإلكتروني، بل يظلون مع المتفرجين خارج الحلبة. وترى دوروتيه موكين من مركز كولونيا الثقافي ضرورة أن تكون هناك ضوابط من قبل الآباء تنظم استخدام أبنائهم للإنترنت “لا بد أن يبحث الآباء عن هذه الضوابط وأن يطبقوها بصرامة”. وأكد فيليب تايس، الذي يرأس مشروع (ريال لايف) “الحياة الحقيقية” بمدينة كاسل الألمانية لمكافحة إدمان الإنترنت، شدة حاجة الآباء للمشورة فيما يتعلق بعالم الإنترنت. وأشار في الوقت نفسه إلى أن عدد مدمني الإنترنت الفعليين “قليل”. ويذهب تايس إلى أن الخلافات العائلية غالباً ما تكون وراء هذا الإدمان. واقترح تايس على الآباء أن يحالوا وضع أنفسهم مكان أبنائهم وأن يحكموا على الأمور من وجهة نظرهم لتغيير تعاملهم مع أطفالهم. وأضاف “لماذا لا يتساءل أحدنا ماذا سيكون رد فعلي إذا صاح شخص ما في وجهي دائماً: أغلق هذا الجهاز؟” هل سأطيع الأمر؟ هل سأشرح له اللعبة وأشركه في أمري؟ هل سأحكي له عن مشاكلي الحقيقية؟. وأكد تايس عدم حاجة الآباء للخوف من عالم الإنترنت، ذلك العالم المجهول لهم. وأضاف “يجب ألا ينتاب الآباء الخوف ويجعلهم يهرولون بعد الانتهاء من عملهم إلى أحد خبراء الإنترنت ليتعلموا الكمبيوتر.. يكفي أن يذهب الآباء لأبنائهم ويتعلموا على يديهم. ولكن الكثير من الآباء يفوتون هذه الفرصة لأنهم غير منفتحين على أبنائهم”.