مجرد أن يلقى السؤال، على احد الزوجين وتحديدا الزوجة، حول فارق العمر، تبدأ ملامح الارتباك والقلق، وربما الغضب أحيانا، وهذا ما يترجمه حال، (هند أحمد) وهي في العقد الرابع من عمرها، حيث تشير إلى الحساسية التي تثيرها مسألة فارق العمر؛ خصوصا أن هند يبدو الفرق بينها وبين زوجها واضحا، إلا أنها تحاول أن تتملص من الإجابة، مكتفيه \"نعم يوجد فرق\"، أي أنها تكبر منه بأعوام ترفض الإفصاح عنها، تلك الأعوام شكلت لها عقبة في حياتها، وتعتبرها عثرة تواجهها، ليست من زوجها فقط، وإنما من المجتمع الذي ينظر لها بمنظور \"سلبي، وزاوية حرجة\"، متسائلة :\"قد تتبلور الفكرة في عقل الرجل وتصل إلى تفكيره بالطلاق، خصوصا إذا كانت المسألة ذات طابع استفزازي، من قبل الأصدقاء والمقربين\". تحاول هند التخلص من تلك المسألة وتفاديها، رافضة أن تصبح \"عثرة في حياتها، تعرقل سير حياتها الزوجية\". تكتفي بالقول وترفض أن تخوض في التفاصيل، التي تبعث شعور بالاختناق، على حد قولها. على النقيض من هند وزوجها، التي تواجه النظرة الاستنكارية التعجبية، تتحدث (علياء)، عن تجربتها في الزواج برجل من مقام والدها من حيث السن، فعلى الرغم أن المرأة تكبر قبل الزوج، وتبدو عليها علامات التقدم بالسن بوقت مبكر، إلا أنها تبدو أكثر حزنا، وتعبر عن ما يدور بها من كلمات، تفصح فيها عن الندم التي ينتابها مابين الفترة والأخرى، في الوقت الذي لا تنكر فيه، أن المرأة التي تصغر من الرجل، \"تتمتع بجمالها لمدة أطول، وربما تثمر التجربة نجاح باهر، وأبرزها إمكانية استمرار الزواج لعدة أسباب؛ فالزوج ينظر إليها على أنها صغيرة في السن، وطلباتها مجابة ولا يمكن رفضها، فهي طفلة لعوبة بنظره، بالمقابل يشعر هو بحداثة سنه أيضا ورشاقة جسده وانتشائه، على الرغم من كبره. فهذه الأمور يفرز عنها علاقة زوجية حميمة، بيد أن ريعان الشباب يتم وأده تحت الثرى في لحظة قد تغفل المرأة عنها، وربما لا تتذكرها في لحظة من اللحظات\". تتوقف برهة عن الحديث، والدموع تملا عينيها، فهي لا يتجاوز عمرها 24 عاما، فيما يبلغ زوجها 53 عاما، فيبدو الفرق راسخا في مخيلتها، إذ تفكر بلحظات المستقبل التي شيعته في جثمان هامد، بحضور لفيف من الأهل والأقارب، هذا حال لسانها البائس الحزين، وتضيف:\"تلك قصة حياتي، ففارق العمر عندما يتجاوز الحد الطبيعي، تصبح الحياة غير طبيعية فعلا، فهذا من واقع تجربة مريرة، فكثير من المواقف لا يتمكن زوجي استيعابي، ولا أتمكن إعطائه ما يريد، ولو استشهدنا بمثال بسيط قد تصل فكرتي للفتيات، هل تستطيع من تبلغ 20 عاما أن تلعب وتشارك طفلا صغيرا طيلة النهار لا يتجاوز عمره 3 أعوام، ويكون رفيق حياتها، وليس ابنها؟\". تحاول أن تكفكف دموعها، منتظرة ردا على السؤال التي لطالما تنتظر إجابته، فظروف عديدة أجبرتها على ذلك، وجعلت من حياتها،\"نموذج لايمكن الاقتداء به، لان الفارق مطلوب بين الزوجين، لكن بالحد الطبيعي وان لا يفوق عن 15 عاما\". الأخصائية النفسية مديحه العسلي، تكشف عن كيفية اختيار الزوج للزوجة والعكس، وتوضح أهمية أن تكون الأعمار قريبة بين الزوجين، وتضيف:\"علاقة صداقة، تربط بين الزوجين القريبان من العمر، ومشكلات عديدة قد تنجم نتيجة الفوارق الغير عادية؛ فالأسباب عديدة لموافقة بعض أهالي الفتيات، لإعطاء من هو اكبر عمرا، بفارق كبيرا، فربما يكون السبب الطمع المادي، والحالات تكثر هنا. وربما تكون لأسباب صلة القرابة، أو العنوسة وغيرها. فالأمر يتطلب دراسة بحسب الحالة وتقييم من كافة النواحي، كي لا تعرض الفتاة نفسها للخطر وكذلك الشاب أيضا، إلا أن بحسب علماء الاجتماع والنفس، فارق العمري بين الزوجين، له تأثيرات على كافة جوانب الحياة الزوجية\".