ربما لم يحظ برنامج تلفزيوني بجماهيرية ومتابعة كما حظي شاعر المليون خصوصا في نسختيه الأولى والثانية والتي كانت في حينها حديث الجالس والمجالس، ورغم أن البرنامج قد قسم شارع المتابعين بين مؤيد ومعارض لفكرته لكن اتفاقا من أهل الاختصاص والمتذوقين للشعر الشعبي على أن البرنامج كشف عن مواهب سطعت في عالم الشعر النبطي، وأستقطب أسماء كانت ممنوعة من بث أحاسيسها للمتلقي بأمر من وسط إعلامي منع من لا يدور في فلكه من الظهور في المدار. هذا جانب من النصف الممتلئ من الكوب وجانب آخر يؤكد أن خارطة الشعر الشعبي تغيرت وإلى الأبد بظهور نجوم وأفول أخرى، والسعودية التي أجلبت بخيلها ورجلها في النسخة الأولى والثانية من البرنامج لم تفلح في حصد اللقب آنذاك رغم مشاركة شعراء لهم باع طويل في الساحة، ووجوه جديدة ابتدعت في الشعر وأجادت، فالحظ لم يحالف أبناء المملكة سوى في النسخة الثالثة. السعوديون في آخر مراحل النسخة الماضية وصلوا إلى المراكز الخمسة الأولى وحصروا المنافسة بينهم متجاوزين كل شعراء المنطقة بل وأقحموا معهم عنصرا نسائيا هي الشاعرة عيدة الجهني التي حلت رابعة. العنصر النسائي السعودي الذي فتحت له الجهني الباب دخل بقوة في النسخة الحالية عبر مستورة الأحمدي والشاعرة ريمية وكلاهما تجاوزتا التصفيات الأولى بسهولة ودون الرجوع لرأي الجمهور وهو مؤشر على ارتفاع مستوى الشاعرية وجودة الانتقاء وربما يمثل تحركا نسائيا على غرار التحركات القبلية والمناطقية بل وحتى \"الدولية\" والتي ساهمت بشكل أو بآخر في وصول شاعر وسقوط آخر دون النظر في جودة النصوص المقدمة!. مستورة الأحمدي التي تشارك للمرة الثانية في البرنامج تبدو مصرة على تحقيق شيء ما وتضع نصب عينيها هدفا ربما قطعت حتى الآن شوطا واسعا فيه فهي بانتظار مرحلة ال 24. وفي طريقها لهزم الرجال المشاركين معها في ذات المجموعة هاجمت ريمية أنصاف الرجال مرسلة رسالة تحذير واضحة..\"الشعراء السعوديين الذي بدؤوا متأخرين في حصد البيرق قادمون بالشاعرات لنيله وسط مراقبة 44 شاعرا\". الأردن بباديتها الضاربة في عمق التاريخ دفعت بشاعرتين لخوض غمار المسابقة وهما حليمة العبادي وربا الدويكات اللتان تأهلتا إلى مرحلة ال 24 أسوة بنظيراتهن السعوديات، والمنطق الرياضي الذي يقول أن 4 شاعرات من أصل 24 وهو سدس المشاركين من حقه أن يتطلع للبيرق ومن المكن أن يسفر وجود هذا الكم الكبير –نسبيا- من الشاعرات عن فوز شاعرة أنثى بغمار المسابقة الأهم على صعيد الشعر رغم الانخفاض الكبير والملحوظ في مستوى المتابعة والاهتمام. الشاعرات مستورة وريمية وحليمة وربا بمشاركتهن يؤكدن أنهن لم يغبن عن مشهد الشعر، فهن إما شاعرات وإما ملهمات للشعراء، ولولا قصائد الغزل والحب في النساء لما حفل ديوان العرب بكل العذوبة التي يغوص فيها. الشعر خلد النساء وأفعالهن وأبرز مظاهر رائعة من حياتهن في الجاهلية وبعد الإسلام وفي عصرنا هذا، فالخنساء في رثاءها لأخيها سلوى لكل ثكلى، وشعر النساء الذي يجمع عاطفة الأنثى وفيض إحساسها المرتبط بطبيعتها أثره بليغ وفعله عظيم .. ففي السير أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما بلغته قصيدة قتيلة بنت الحارث ترثي أخاها النضر وتمدح الرسول –صلى الله عليه وسلم- بقولها.. أمحمد يا خير ضنء كريمة .. في قومها والفحل فحل معرق بكى وقال لو \"بلغني هذا قبل قتله لمننت عليه\". فهل تصل بنات حواء بشعرهن إلى بيرق المليون وهل يعوض السعوديين إخفاق شعرائهم –تزويرا أو تحقيقا- في النسخ الأولى بفوز أول شاعرة باللقب !؟. أم أن الصوت الرجالي سيطغى وسيحفظ لقبهم بالتخصص، وسينشد حال مستورة وحصة أبيات هند بنت المهلب غير متأسفات على ضياع الفوز.. وما نبالي إذا أرواحنا سلمت . بما فقدناه من مال ومن نشب فالمال مكتسب والعز مرتجع . إذا النفوس وقاها الله من عطب