وجدت دراسة طبية حديثة أن الرجال الأصحاء الذين يعيشون حياة صعبة ومؤرقة يعانون من الاجهاد واستجابات فسيولوجية غير طبيعية تؤدي إلى شيخوخة الخلايا. تبين للعلماء أن الرجال الذين يعانون من تقدم عمر الخلايا في جسدهم، يواجهون صعوبة في لحظات التوتر بالعودة إلى الوضع الطبيعي، كما أنهم أكثر توتراً وعدائية وأقل تفاؤلاً. قبل أربعين عاماً، أشارت دراسة عُرفت باسم "وايت هول" إلى أن الرجال الذين يعملون في الخدمة المدنية في بريطانيا كانوا أكثر عرضة للوفاة المبكرة مقارنة بغيرهم ذوي الوظائف غير المرهقة، بغض النظر عن عن عوامل الخطر الأخرى مثل التدخين. وأشارت الأرقام أيضاً إلى أن الرجال الأصحاء الذين يعانون من التوتر أو عوامل إجتماعية مرهقة مثل الوحدة أو الإجهاد سجلوا معدلات وفيات أعلى من أصحاب الأمراض المستعصية، لا سيما أمراض القلب. لكن ما هو التفسير البيولوجي لهذا التفاوت الصحي؟ تقول النظرية أن التوتر وعدم قدرة الرجل على السيطرة على حياته العملية يعرضه لمخاطر صحية، لأن رد فعل الجسم على التوتر الحاد يؤدي الى إطلاق كميات كبيرة من الأدرينالين والكورتيزول، التي ترفع ضغط الدم ومعدل ضربات القلب ومستويات السكر في الدم. وتشير دراسة طبية حديثة إلى ان الرجال البالغين الذين لديهم صعوبة في العودة إلى الوضع الطبيعي بعد حدث مجهد، يعانون من تسارع في عملية الشيخوخة الخلوية، التي تجعلهم أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب. وتبين للعلماء أن هذه الفئة من الرجال أكثر عرضة للمعاناة من نقص الدعم الاجتماعي ودرجة عالية من التشاؤم وضعف في الاستجابة للضغط النفسي وعلامات الشيخوخة الخلوية. وشمل البحث 333 من الرجال و النساء الأصحاء، تتراوح أعمارهم بين 54 و 76 عاماً. وعمل الباحثون على قياس طول التيلوميرات (تشبه القبعات الواقية على نهايات الكروموسومات التي تصاب بالإرهاق كلما انقسمت الخلية)، إضافة إلى نشاط التيلوميراز، وهو الإنزيم المسؤول عن إصلاح التيلوميرات. في الخلايا المتقدمة في السن التي مرت بالعديد من دورات الانقسام، كانت التيلوميرات متعبة إلى حد أن الخلية توقفت عن التقسيم وأصبحت "هرمة" أو حتى أصيبت بموت الخلايا المبرمج أو ما يعرف ب "انتحار الخلية". وربط العلماء ضعف التيلوميرات بكثير من الأمراض المرتبطة بالعمر، وبالتالي توصلوا إلى أن السبب في الوفاة المبكرة هو الشيخوخة الخلوية نتيجة التوتر والإرهاق. وتبين للعلماء أن عدم القدرة على التعامل مع التوتر، ربما نتيجة لصعوبة الحياة في وقت مبكر وعدم وجود الدعم الاجتماعي في مرحلة البلوغ، يمكنه تسريع شيخوخة الخلية.