كشفت دراسة حديثة ان الشمبانزيات تستيعن بالسواطير كأدوات لتقطيع الطعام، اذا لاحظ باحثان ان القردة لا تقوم فقط بتكسير الفواكه، وإنما تستعين بأدوات لتقطيعها إلى أجزاء يمكنها التحكم بها. في وقت كان يظن فيه كثيرون أن القردة أو الشمبانزيات تقدم على تناول المواد الغذائية التي تتاح أمامهم كما هي، نجح باحثون إنكليز في الكشف عن تفاصيل مثيرة حول أسلوب تناول تلك الحيوانات للأطعمة. فقالوا إنهم نجحوا في مشاهدة تلك الحيوانات – للمرة الأولى – وهي تستعين بسواطير حجرية وخشبية وكذلك سندنات حجرية، كأدوات تستخدمها في تقطيع وتصغير حجم الأطعمة إلى أجزاء يكون من السهل عليها تناولها. وقد تم الكشف عن تلك الملاحظات السلوكية المثيرة، التي نُشِرت في مجلة القردة – بعدما قامت طالبة من حملة الدكتوراة تدعى كاثليجني كوبس برفقة البروفيسور ويليام ماكغرو من مركز ليفيرهولم لدراسات الإنسان التطورية في جامعة كامبريدج البريطانية، بدراسة مجموعة من الشمبانزيات المنطلقة في الحياة البرية بجبال نيمبا الغينية. وقد لاحظا أن القردة لا تقوم فقط بتكسير الفواكه، وإنما تستعين بأدوات لتقوم بتقطيعها إلى أجزاء يمكنها التحكم فيها. وتقول هيئة الإذاعة البريطانية إن بحث كوبس هذا يعني بالتركيز على استعانة الشمبانزيات بمفردات التكنولوجيا الأولية، مثل استخدام الأدوات عند تجميع موادهم الغذائية. من جانبها، تقول كوبس :\" تختلف أنواع الأدوات التي تستعين بها الشمبانزيات المنتشرة بمختلف أنحاء القارة الإفريقية لتجميع الطعام اختلافا ً كبيرا. فالبعض يستعين بالأحجار كمطارق والسندنات ككسارات لفتح جوز الهند، في حين يستعن البعض الآخر بالأغصان لصيد النمل الأبيض\". وتردف كوبس في سياق حديثها بالتأكيد على أن استخدام القردة لمثل هذه الأدوات قد يكون متطورا ً بصورة تدعو للاستغراب. وتتابع بقولها :\" تتضمن عملية تكسير جوز الهند في مجتمع الشمبانزي الموجود بقرية بوسو في غينيا على استخدام مطرقة وسندان متحركين، وفي بعض الأحيان، يستعان كذلك، بأسافين ثابتة لجعل السندان أكثر استواء ً وأكثر فعالية\". وتضيف كوبس:\" أما عملية صيد النمل الأبيض في بعض مجتمعات الشمبانزي بجمهورية الكونغو فتتم باستخدام مجموعة أدوات؛ أو مكونات أداة مختلفة تستخدم بالتسلسل لتحقيق نفس الغرض. وقد تم الكشف عن أن تلك الشمبانزيات تعمد إلى تعديل الاستطلاعات الخاصة بعملية صيد النمل الأبيض من خلال تصميم نهاية فرشاة، قبل الاستعانة بهم في صيد النمل الأبيض\". هذا وقد اكتشفت كوبس، برفقة كل من البروفيسور ماكغرو والبروفيسور تيتسورو ماتسوزاوا، من معهد القردة البحثي في جامعة كيوتو اليابانية، استعمالا ً مذهلا ً آخرا ً لأدوات لم تكن معروفة من قبل. فقد عثرت مصادفة ً( عبر مسح شهري للشمبانزيات التي تعيش في الغابات الجبلية ) على أحجار وصخور ثبت بوضوح أن القردة كانت تستخدمها عند التعامل مع فاكهة تعرف ب Treculia. وهذه الفاكهة التي كان من الممكن أن يصل حجمها إلى حجم الكرة الطائرة، ووزنها إلى 8.5 كيلوغرامات، كانت جامدة وليفية. لكن، وبالرغم من عدم وجود قشرة خارجية صلبة لتلك الفاكهة، إلا إن حجمها كان كبيرا للغاية بالنسبة للشمبانزيات، التي لم تكن تستطع أن تضعها بين فكيها وتقوم بقضمها. لذا، كانت تقوم الشمبانزيات عوضا ًعن ذلك باستخدام مجموعة من الأدوات لتقطيعها إلى أجزاء صغيرة. وقد اكتشفت كوبس أنه كان يُستعان بالسواطير الحجرية والخشبية، وكذلك السندنات الحجرية، لتكسير الفواكه ذات الحجم الكبير. وهي الأدوات التي تبين أن جميعها كان مغطى ببقايا الفواكه والبذور المهشمة. وقد اتضح أيضا ً أن الشمبانزيات كانت تستعين بالسواطير لسحق الفاكهة، بدلا من ضربها بقوة في الأحجار. كما كان يتم تصنيع السندنات من البروزات الحجرية غير المتحركة. وأضافت كوبس بالإشارأن هذا الوصف هو الأول من نوعه للشمبانزيات التي سبق لها الاستعانة بتقنية الأدوات الساحقة لتقطيع المواد الغذائية إلى أجزاء يسهل تناولها بدلا ً من مجرد استخراجها من مصادر أخرى لا يمكن الحصول عليها مثل مكسرات شجر الباوباب. وتابعت حديثها بالقول :\" كما أن تلك هي المرة الأولى التي يتم الكشف فيها عن أن الشمبانزيات البرية استعانت بنوعين مختلفين من التكنولوجيا الطرقية؛ أي السواطير المنقولة في مقابل السندان غير المنقول، لتحقيق نفس الغرض\". وبصورة تدعو للاندهاش، تبين للباحثين أن الشمبانزيات المجاورة التي تعيش في منطقة سيرينغبارا القريبة لم تكن تتعامل مع الطعام بتلك الطريقة، ما يدعم القول بأن طريقة استخدام الأدوات بين القردة هي عملية يتم تعلمها ثقافيا.