في شرق عسير قل أن تجد أسرة لا تقود أحدى نسائها السيارة بكفاءة عالية، وقل أن تجد إحداهن قد تعرضت للمضايقات. هؤلاء النسوة دفعتهن الحاجة إلى قيادة سياراتهن وليس خروجا على الأنظمة والقوانين الاجتماعية، فالحاجة فقط من دفعتهن لهذا التصرف. ولا تنحصر قيادتهن للسيارة في القرى والأرياف والهجر، بل قد تضطرهن الظروف للذهاب للمحافظة بحثا عن العلاج أو لشراء احتياجات أسرهن الضرورية. رفعة القحطاني أم لثمانية أطفال تركها زوجها ورحل عن الدنيا لتواجه ظروف الحياة فجاهدت لتوفير العيش الكريم لها ولأبنائها واضطرت إلى تعلم قيادة السيارة التي ورثتها عن الزوج واستمرت في حياتها بشكل طبيعي تؤدي أعمالها كما يؤديها الرجال، فتذهب للمستشفى لعلاج أبنائها وللمدرسة لتعليمهم، وتشتري احتياجاتهم من أسواق المحافظات، وتجلب أغنامها إلى الحلقة لتبيع وتشتري. وتقول رفعة: لو لم أقد السيارة بنفسي لمددت يدي للناس ولما تعلم أبنائي ولما عشنا حياتنا كما يعيشها الآخرون في نعمة وأمن وسعادة. أما فاطمة القحطاني، فترفض الحديث عن شريك العمر أو التفكير في الاقتران بأحد فقد نذرت نفسها لخدمة ذويها وأسرتها برا بوالديها العاجزين وعطفا على أشقائها الصغار وتقول: أنا أقود السيارة لتأمين طلبات المنزل لمواجهة أعباء الحياة وظروفها القاسية. وتقوم فاطمة بجلب الماء، لسقي الماشية وتجلب احتياجات البيت من السوق، وتذهب بوالديها إلى مركز الرعاية الصحية، وترعى أغنامهم التي تعتبر قوت أسرتها ومصدر دخلها. وفي المناطق الصحراوية في بقيق تجد ثمة نساء يقدن السيارة لوجود ظروف تتطلب ذلك، وأكد عدد من الأهالي أن النساء السائقات يجدن الاحترام من قبل المواطنين، بل إن البعض علم زوجته قيادة السيارة في المنطق الصحراوية لمواجدهة الظروف الطارئة، يشار إلى أن منطقة بقيق شهدت قبل نحو سنة حادث سيارة لثلاث نسوة قطريات بسبب قطيع من الجمال وأصيبت فيه امرأة واثنتين من بناتها.