تزوج الأمير ويليام وكيت ميدلتون أمس في كاتدرائية ويستمسنتر المهيبة في ما عرف ب «زواج القرن» الذي سمح للعائلة المالكة البريطانية بإبراز أبهتها أمام العالم بعد ثلاثين عاماً على زواج تشارلز وديانا. وتجمّع مئات الآلاف من الاشخاص على رغم السماء الملبدة بالغيوم في وسط لندن الذي ازدان بالأعلام البريطانية. وكُشف عن سر فستان الزفاف عندما ترجلت كيت والبسمة تعلو وجهها من سيارة «الرولز رويس» الملكية أمام أعين نحو بليوني مشاهد عبر العالم، فتبين انها اختارت فستان عرس ابيض عاجياً مع طرحة طولها 2,70 متر واعتمرت إكليلاً على رأسها. وتقدمت ميدلتون برفقة والدها مايكل في الممر المركزي للكاتدرائية على أنغام جوقة مؤلفة من 20 صبياً لتنضم أمام المذبح الى الأمير ويليام الذي ارتدى البزة الحمراء للحرس الإرلندي. وتبادل الأمير وكيت نذور الزواج بعد دقائق قليلة أمام رئيس اساقفة كانتربري، روان ويليامز. لكن في مؤشر الى الحداثة، تجنبت ميدلتون التطرق في نذورها الى انها ستطيع زوجها تماماً كما فعلت الأميرة ديانا والدة ويليام. وجلس في ارجاء الكاتدرائية 1900 مدعو، بينهم نحو أربعين من الملوك والأمراء والمشاهير امثال لاعب كرة القدم ديفيد بيكهام وزوجته فيكتوريا وألتون جون. ونقلت مراسم الزواج مباشرة في 180 بلداً. وقبالة الكاتدرائية نصب محبو العائلة المالكة الخيم. وقالت لويز اكيهورست: «انهما يجعلان العائلة المالكة رائجة مجدداً». وكانت الملكة اليزابيث الثانية سبقت كيت الى الكاتدرائية قبل دقائق قليلة وقد ارتدت الاصفر، ومنحت قبل الظهر ويليام وكيت لقب دوق ودوقة كامبريدج، وهو اللقب الاعلى في بريطانيا. وفي ختام القداس صعد ويليام وكيت الى عربة تجرّها جياد استخدمها تشارلز وديانا عام 1981، وتبعتها اربع عربات اخرى تنقل افراد العائلتين الى قصر باكنغهام مقر الملكة اليزابيث الثانية جدّة ويليام التي احتفلت قبل ايام بعيد ميلادها الخامس والثمانين. الرحلة بالعربات من الكاتدرائية الى القصر لم تستمر اكثر من 15 دقيقة، إلا انها أظهرت أبهة احدى اعرق العائلات المالكة في العالم التي تلخص جوهر انكلترا. فالمسار الذي تبعته مر امام ساعة بيغ بن والبرلمان في ويستمنستر وفي محاذاة جادة مول الملكية المزينة بالأعلام البريطانية، وانتشر اكثر من خمسة آلاف شرطي في الشوارع، فيما كان نحو 8 آلاف صحافي يتابعون الحدث. وأقيمت أمس اكثر من خمسة آلاف حفلة شعبية في الشوارع في كل ارجاء البلاد وصولاً الى 10 داونينغ ستريت مقر رئيس الوزراء ديفيد كاميرون. وفي بلدة سان اندروز الاسكتلندية الصغيرة حيث التقى ويليام وكيت قبل عشر سنوات تجمع نحو ألف شخص معتمرين القبعات العالية للرجال والمزينة بالزهور للنساء على أنغام الكمان. وخرج الأمير وكيت بعد ظهر أمس الى شرفة القصر وتبادلا اول قبلة رسمية، وهي لحظة ترقبتها كاميرات العالم. وأقامت الملكة حفلة استقبال أعقبها مساءً عشاء وحفلة راقصة في قصر باكنغهام. وأخذ العرس منحى عالمياً، اذ ان مبنى «امباير ستايت بيلدينغ» أضيئ بالألوان، الازرق والأحمر والابيض، ب «مناسبة الزواج» على ما جاء على الموقع الالكتروني لأشهر ناطحة سحاب في نيويورك. واحتل الزواج الصفحات الأولى في غالبية الصحف البريطانية على غرار صحيفة «ذي صن» التي عنونت عددها الصادر أمس: «والدته كانت لتكون فخورة جداً»، في إشارة إلى والدة الأمير ويليام الليدي ديانا التي يتردد اسمها في عدد من المقالات الافتتاحية. وأفادت التوقعات الحكومية بأن اكثر من بليوني مشاهد تابعوا مراسم الزفاف عبر التلفزيون في العالم، وهذا يتجاوز بكثير العدد الذي تابع زواج والدي ويليام في 29 تموز (يوليو) 1981، إذ بلغ 750 مليون مشاهد. ونصب آلاف من عشاق العائلة المالكة خياماً، بعضهم منذ ايام، على الطريق الذي سلكه الموكب الملكي بعد انتهاء مراسم الزفاف. وفي سياق متصل، قد تنتعش السياحة وتقفز مبيعات التذكارات، لكن من المستبعد أن يمنح الزفاف دفعة لاقتصاد البلاد كما تأمل الحكومة. ويقدر اتحاد الصناعة البريطاني ان عطلة عامة أخرى ستكلف الاقتصاد نحو ستة بلايين جنيه استرليني (9 بلايين دولار). وحتى مع الاخذ في الاعتبار المعنويات المرتفعة التي ستشيعها هذه المناسبة التاريخية والدفعة التي ستتلقاها المزارات السياحية في لندن مع تدفق أعداد كبيرة من السائحين الأجانب الأثرياء، فإن الزفاف ليس «الخبر السار الصرف»، وفق وصف رئيس الوزراء ديفيد كاميرون. ويظهر التاريخ أن للعطلات العامة التي تفرض في مناسبات معينة تأثيراً سلبياً طويلاً في الناتج المحلي الاجمالي. واعتقلت الشرطة البريطانية عشرة أشخاص على الأقل على طريق الزفاف الملكي وسط لندن بموجب الاجراءات الأمنية المتشددة التي اتخذتها لحمايته، بتهم خرق قواعد الانضباط، والاعتداء والتعامل مع بضائع مسروقة وحيازة سلاح هجومي. وأتت الاعتقالات في اطار عملية أمنية نفذتها الشرطة البريطانية منذ الساعات الأولى من صباح أمس بمساعدة الجيش لحماية زفاف الأمير ويليام وكيت من تهديدات الارهابيين والفوضويين والمتطفلين. وكانت شرطة العاصمة منعت في وقت سابق 21 فوضوياً من دخول منطقة وستمنستر خلال مراسم الزفاف بعد اعتقالهم وإخلاء سبيلهم بكفالة، فيما اعتقلت مجموعة أخرى منهم في مداهمات في لندن ومقاطعتي ساسيكس وكامبريدجشاير. وفرضت الشرطة طوقاً أمنياً حول مسار موكب الزفاف الملكي، حيث تجمهر مئات الآلاف من الناس لإلقاء نظرة على الزوجين السعيدين، فيما انتشر رماتها على أسطح المباني على طول طريق الموكب، بعد تفتيشه للمرة الأخيرة من جانب الشرطة والكلاب البوليسية خصوصاً المناطق المعرّضة للخطر. في المقابل، كرّم بعض معجبي الأميرة ديانا ذكراها في باريس حيث توفيت عام 1997، تزامناً مع حفلة زفاف نجلها. وقد وضعت بعض الرسائل تحت نصب «شعلة الحرية» الذي تحول إلى نصب غير رسمي في ذكرى أميرة ويلز المتوفاة. وفي إحدى الرسائل التي كتبت بخط اليد: «العزيزة ديانا، أفكارنا تتجه إليك في هذا اليوم الاستثنائي». كذلك، ترك أحد المعجبين المجهولين في المكان قصيدة تقول: «العزيزة ديانا، نعلم أن وهج نورك سيظللنا، وأنك ستكونين إلى جانبهما عندما يقولان نعم».