اكتشفت دراسة حديثة أن مرضى فرط الحركة وتشتت الانتباه المعروف بADHD ربما يمتازون بقدرة أكبر على الإبداع عن نظرائهم ممن لا يعانون المرض نفسه. وقام الباحثون بجامعة سان بطرسبرغ الأمريكية باختيار عينة من طلبة الجامعة ونصفهم يعاني مرض ADHD وقسموا لذكور وإناث بالتساوي، وأخضعوهم لسلسلة من الاختبارات لقياس قدراتهم الإبداعية في 10 مجالات، منها التمثيل المسرحي والموسيقى والكتابة الإبداعية والاختراع والفنون المرئية والاكتشافات العلمية والرقص والمعمار وفن الطهي، كما قام الطلبة بالإجابة عن مجموعة من الأسئلة حول أساليبهم في حل المشاكل بما في ذلك اختياراتهم لتوليد وبناء وتنقيح وتنفيذ الأفكار. وأظهرت المجموعة التي تعاني مرض الADHD تفوّقاً في الإبداع، كما أظهروا تفضيلاً أكبر للأفكار البارعة المفاجئة وتوليد الأفكار عن المجموعة الثانية التي لا تعاني المرض والذين يفضلون تنقيح وتوضيح الأفكار أكثر. وقالت كاتبة الدراسة أستاذة علم النفس المساعد بكلية إيكرد بسان بطرسبرغ هولي وايت: "بعض الخصائص الشخصية مثل العناد يمكن أن نراها كأمر سلبي، بينما قد تكون نقطة قوة، وهذا يماثل الشرود الذي يمثل خاصية أساسية للمرضى، ولكن ذلك قد يعني أيضاً أنهم منفتحين للكثير من الأفكار، وهو الأمر الذي يسمح بتصارع الأفكار التي قد لا نراها". وذكرت وايت أن هذه الدراسة أكدت نتائج دراسات سابقة أشارت إلى أن غياب كابح للتفكير عند مرضى الADHD يترجم إلى قدرة على التفكير خارج الحدود المتعارف عليها، وعلى عكس المعتقد هؤلاء المرضى غالباً ما يكون لهم قدرة بالغة على الانتباه لأمور أو أنشطة يحبونها. وأضافت: "أعتقد أنه بالرغم من أن مرضى الADHD قد يظهرون قدرات محدودة في بعض المجالات إلا أنهم قد يظهرون قوة في مجالات أخرى، ومن الصعب على هؤلاء المرضى القيام بعمل لا يستمتعون بأدائه، لهذا كثيراً ما يساء تصويرهم بالكسالى أو الأغبياء بينما الأمر ليس كذلك، فعندما يتحمسون لأمر ما يقومون به بنشاط وتركيز فتختفي جميع صفات المرض". وأفادت الباحثة بأن الشباب الذين يعانون هذا المرض ربما من الأفضل أن يُوجهوا لأعمال تناسب نقاط قوتهم ليصبحون فيها أكثر إنتاجاً وإبداعاً. وفي المقابل، علّق أستاذ علم النفس بجامعة كينتاكي، ريتشارد ميليش، على الدراسة قائلاً: "إن الدراسة لا تعبر بشكل صادق عن مرضى الADHD من الشباب، لأن المشاركين تم اختيارهم من طلبة الجامعة أي أنهم من الفئة من المرضى الذين تخطوا صعوبة تعليمية كبيرة بالفعل بينما هناك أطفال كثيرين من مرضى الADHD لا تمثلهم هذه الدراسة". كما أوضح ميليش أن دراسة سابقة أشارت إلى أن مرضى الADHD يميلون للمبالغة في مهاراتهم لهذا فإن التقييم الشخصي المستخدم في هذه الدراسة ربما تسبب في تحريف النتائج، وأضاف: "من الصعب تقييم هذا الموضوع إجمالاً، فالدليل واضح أن لهم رؤية مبالغ فيها عن الثقة بالنفس". ويصيب مرض الADHD ما يقرب من 5% من الشباب الأمريكيين، وهو يمثل خللاً في السلوك العصبي الذي يتصف بالاندفاع وفرط النشاط وعدم التنظيم وصعوبة التركيز بالإضافة لخصائص أخرى عديدة، وتستمر الحالة مع ما يقرب من 30 إلى 50% من المرضى في مراحل البلوغ.